وإذا هم كتموا يحدث عنهم * عند الوشاة المدمع السحاح وما ذكر أولا يكون مستمسكا في الذب عن الشيخ الأكبر قدس سره وأضرابه فإنهم لم يبالوا في كشف الحقائق التي يدعونها بكونه سببا لضلال كثير من الناس وداعيا للإنكار عليهم، وقد استدل بعض الآية في الرد عليهم بناء على أن المعنى الحق ما يكون من جهته تعالى وما جاؤا به ليس من جهته سبحانه لأنه لا تشهد له آية ولا يصدقه حديث ولا يؤيده أثر. وأجيب بأن ذلك ليس إلا من الآيات والأحاديث إلا أنه لا يستنبط منها إلا بقوة قاسية وأنوار إلهية فلا يلزم من عدم فهم المنكرين لها من ذلك لحرمانهم تلك القوة واحتجابهم عن هاتيك الأنوار عدم حقيتها فكم من حق لم تصل إليه أفهامهم. واعترض بأن لو كان الأمر كذلك لظهر مثل تلك الحقائق في الصدر الأول فإن أرباب القوى القدسية والأنوار الإلهية فيه كثيرون والحرص على إظهار الحق أكثر. وأجيب بأنه يحتمل أن يكون هناك مانع أو عدم مقتض لإظهار ما أظهر من الحقائق، وفهي نوع دغدغة ولعله سيأتيك إن شاء الله تعالى ما عسى أن ينفعك هنا، وبالجملة أمر الشيخ الأكبر وإضرابه قدس الله تعالى أسرارهم فيما قالوا ودونوا عندي مشكل لا سيما أمر الشيخ فإنه أتى بالداهية الدهياء مع جلالة قدره التي لا تنكر، ولذا ترى كثيرا من الناس ينكروه عليه ويكرون، وما ألطف ما قاله فرق جنين العصابة الفاروقية والراقي في مراقي التنزلات الموصلية في قصيدته التي عقد اكسيرها في مدح الكبريت الأحمر فغدا شمسا في آفاق مدائح الشيخ الأكبر وهو قوله: ينكر المرء منه أمرا فينها * ه نهاه فينكر الإنكارا تنثني عنه ثم تثنى عليه * ألسن تشبه الصحاة سكارى * (يحلون فيها من أساور من ذهب) * قيل هي إشارة إلى أنهم يحلون حقائق التوحيد الذاتي ومعاني التجليات العينية الأحدية * (ويلبسون ثيابا خضرا) * إشارة إلى أنهم متصفون بصفات بهيجة حسنة نضرة موجبة للسرور * (من سندس) * الأحوال والمواهب وعبر عنها بالسندس لكونها ألطف * (واستبرق) * الأخلاق والمكاسب، وعبر عنها بالاستبرق لكونها أكثف * (متكئين فيها على الأرائك) * (الكهف: 31) قيل أي أرائك الأسماء الإلهية * (واضرب لهم مثلا رجلين) * الخ فيه من تسلية الفقراء المتوكلين على الله تعالى وتنبيه الأغنياء المغرورين ما فيه، وقال النيسابوري: الرجلان هما النفس الكافرة والقلب المؤمن * (جعلنا لأحدهما) * وهو النفس * (جنتين) * هما الهوى والدنيا * (من أعناب) * الشهوات * (وحففناهما بنخل) * حب الرياسة * (وجعلنا بينهما زرعا) * (الكهف: 32) من التمتعات البهيمية * (وفجرنا خلالهما نهرا) * من القوى البشرية والحواس * (وكان له ثمر) * من أنواع الشهوات * (وهو يحاوره) * أي يجاذب النفس * (أنا أكثر منك مالا) * أي ميلا * (وأعز نفرا) * (الكهف: 34) من الأوصاف المذمومة * (وهو ظالم لنفسه) * (الكهف: 35) في الاستمتاع بجنة الدنيا على وفق الهوى * (لأجدن خيرا منها) * (الكهف: 36) قال ذلك غرورا بالله تعالى وكرمه * (فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها) * (الكهف: 42) من العمر وحسن الاستعداد انتهى.
وقد التزم هذا النمط في أكثر الآيات ولا بدع فهو شأن كثير من المؤولين * (هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابا) * قال ابن عطاء: للطالبين له سبحانه لا للجنة * (وخير عقبا) * (الكهف: 44) للمريدين * (والباقيات الصالحات) * (الكهف: 46) قيل هي المحبة الدائمة والمعرفة الكاملة والأنس بالله تعالى والإخلاص في توحيده سبحانه والانفراد به جل وعلا عن غيره فهي باقية للمتصف بها وصالحة لا إعوجاج فيها وهي خير المنازل، وقد تفسر بما يعمها وغيرها