بإمام زمانهم وكتاب ربهم وسنة نبيهم. وأخرج ابن أبي شيبة. وابن المنذر. وغيرهما عن ابن عباس أنه قال: إمام هدى وإمام ضلالة.
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عنه رضي الله تعالى عنه أنه قال: بإمامهم بكتاب أعمالهم فيقال: يا أصحاب كتاب الخير يا أصحاب كتاب الشر وروى ذلك عن أبي العالية. والربيع. والحسن، وقرىء * (بكتابهم) * ولعلم وجه كون ذلك إمامهم إنهم متبعون لما يحكم به من جنة أو نار، وقال الضحاك. وابن زيد: هو كتابهم الذي نزل عليهم.
وأخرج ابن أبي حاتم. وابن مردويه. والخطيب في تاريخه عن أنس أنه قال: هو نبيهم الذي بعث إليهم.
واختار ابن عطية كغيره عموم الإمام لما ذكر في الآثار، وقيل: المراد القوى الحاملة لهم على عقائدهم وأفعالهم كالقوة النظرية والعملية والقوة الغضبية والشهوية سواء كانت الشهوة شهوة النقود أو الضياع أو الجاه والرياسة ولاتباعهم لها دعيت إماما، وهو مع كونه غير مأثور بعيد جدا فلا يقتدي بقائله وإن كان إماما.
وفي " الكشاف " أن من بدع التفاسير أن الإمام جمع أم كخف وخفاف وأن الناس يدعون يوم القيامة بإمامتهم وأن الحكمة في الدعاء بهن دون الآباء رعاية حق عيسى عليه السلام وشرف الحسن والحسين ولا يفضح أولاد الزنا، وليت شعري أيهما أبدع أصحة تفسيره أم بهاء حكمته انتهى، وهو مروي عن محمد بن كعب.
ووجه عدم قبوله على ما في " الكشف "، أما أولا: فلأن إمام جمع أم غير شائع وإنما المعروف الأمهات.
وأما ثانيا: فلأن رعاية حق عيسى عليه السلام في امتيازه بالدعاء بالأم فإن خلقه من غير أن كرامة له لا غض منه ليجبر بأن الناس أسوته في انتسابهم إلى الأمهات، وإظهار شرف الحسنين بدون ذلك أتم فإن أباهما خير من أمهما مع أن أهل البيت كحلقة مفرغة، وأما افتضاح أولاد الزنا فلا فضيحة إلا للأمهات وهي حاصلة دعى غيرهم بالأمهات أو بالآباء ولا ذنب لهم في ذلك حتى يترتب عليه الافتضاح انتهى، وما ذكر من عدم شيوع الجمع المذكورين، وأما الطعن في الحكمة فقد تعقب فإن حاصلها أنه لو دعى جميع الناس بآبائهم ودعى عيسى عليه السلام بأمه لربما أشعر بنقص فروعي تعظيمه عليه السلام ودعى الجميع بالأمهات وكذا روعي تعظيم الحسنين رضي الله تعالى عنهما لما أن في ذلك بيان نسبهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو نسبا إلى أبيهما كرم الله تعالى وجهه لم يفهم هذا وإن كان هو هو رضي الله تعالى عنه؛ وفي ذلك أيضا ستر على الخلق حتى لا يفتضح أولاد الزنا فإنه لو دعى الناس بآبائهم ودعوا هم بأمهاتهم علم أنهم لا نسبة لهم إلى آباء يدعون بهم وفيه تشهير لهم ولو دعوا بآباء لم يعرفوا بهم في الدنيا وإن لم ينسبوا إليهم شرعا كان كذلك، وعلى هذا يسقط ما في الكشف، وعندي أن القائل بذلك لا يكاد يقول به من غير أن يتمسك بخبر لأنه خلاف ما ينساق إلى الأذهان على اختلاف مراتبها ولا تكاد تسلم حكمته عن وهن. ولا يصلح العطار ما أفسد الدهر ولعل الخبر إن كان ليس بالصحيح ويعارضه ما قدمناه غير بعيد من قوله صلى الله عليه وسلم: " إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم " والله تعالى أعمل، وما ذكر من تعلق الجار بما عنده هو الظاهر الذي ذهب إليه الجمهور، وجوز أن يكون متعلقا بمحذوف وقع حالا أي مصحوبين بإمامهم، ثم إن الداعي إما الله عز وجل وأما الملك وهو الذي تشعر به الآثار فإسناد الفعل إليه تعالى مجاز.
وقرأ مجاهد * (يدعو) * بالياء آخر الحروف أي يدعو الله تعالى أو الملك، والحسن في رواية * (يدعى) * بالبناء