أبو علي: إنهم لم يفصلوا بينها وبين المجرور كما فصلوا بين كم وما تعمل فهي وفي مفادها أقوال. أحدها: أنها للتقليل دائما وهو قول الأكثرين، وعد في البسيط منهم الخليل. وسيبويه، والأخفش. والمازني. والفارسي. والمبرد. والكسائي. والفراء. وهشام. وخلق آخرون. ثانيها: أنها للتكثير دائما وعليه صاحب العين. وابن درستويه. وجماعة، وروى عن الخليل. ثالثها: واختاره الجلال السيوطي وفاقا للفارابي وطائفة أنها للتقليل غالبا والتكثير نادرا. رابعها: عكسه جزم به في التسهيل واختاره ابن هشام في " المغنى ". وخامسها: أنها لهما من غير غلبة لأحدهما نقله أبو حيان عن بعض المتأخرين. سادسها: أنها لم توضع لواحد منهما بل هي حرف إثبات لا يدل على تكثير ولا تقليل وإنما يفهم ذلك من خارج واختاره أبو حيان. سابعها: أنها للتكثير في المباهاة وللتقليل فيما عداه وهو قول لا علم. وابن السيد. ثامنها: أنها لمبهم العدد وهو قول ابن الباذش وابن طاهر وتصدر وجوبا غالبا، ونحو قوله: تيقنت أن رب امرىء خيل خائنا * أمين وخوان يخال أمينا وقوله: ولو علم الأقوام كيف خلفتهم * لرب مفد في القبور وحامد يحتمل أن يكون كما قال الشمني ضرورة، وقال أبو حيان: المراد تصدرها على ما تتعلق به فلا يقال: لقيت رب رجل عالم، وذكروا أنها قد تسبق بألا كقوله: ألا رب مأخوذ باجرام غيره * فلا تسأمن هجران من كان أجرما وبيا صدر جواب شرط غالبا كقوله: فإن أمس مكروبا فيا رب فتية ومن غير الغالب يا رب كاسية الحديث ولا تجر غير نكرة وأجاز بعضهم جرها المعروف بأل احتجاجا بقوله: ربما الجامل المؤبل فيهم * وعناجيج بينهن المهار وأجاب الجمهور بأن الرواية بالرفع وإن صح الجر فأل زائدة، وفي وجوب نعت مجرورها خلف فقال المبرد. وابن السراج. والفارسي. وأكثر المتأخرين وعزى للبصريين يجب لإجرائها مجرى حرف النفي حيث لا تقع إلا صدرا ولا يقدم عليها ما يعمل في الاسم بعدها، وحكم حرف النفي أن يدخل على جملة فالأقيس في مجرورها أن يوصف بجملة لذلك، وقد يوصف بما يجري مجراها من ظرف أو مجرور أو اسم فاعل أو مفعول وجزم به ابن هشام في " المغني " وارتضاه الرضى، وقال الأخفش. والفراء. والزجاج. وابن طاهر. وابن خروف. وغيرهم لا يجب وتضمنها القلة أو الكثرة يقوم مقام الوصف واختاره ابن مالك وتبعه أبو حيان ونظر في الاستدلال المذكور بما لا يخفى، وتجر مضافا إلى ضمير مجرورها معطوفا بالواو كرب رجل وأخيه ولا يقاس على ذلك عند سيبويه، وما حكاه الأصمعي من مباشرة رب للمضاف إلى الضمير حيث قال لأعرابية ألفلان أب أو أخ؟ فقالت: رب أبيه رب أخيه تريد رب أب له رب أخ له تقديرا للانفصال لكون أب وأخ من الأسماء التي يجوز الوصف بها فلا يقاس عليه اتفاقا، وتجر ضميرا مفردا مذكرا يفسره نكرة منصوبة مطابقة للمعنى الذي يقصده المتكلم غير مفصولة عنه؛ وسمع جره في قوله:
وربه عطب أنقذت من عطبه على نية من وهو شاذ، وجوز الكوفية مطابقة الضمير للنكرة المفسرة تثنية وجمعا وتأنيثا كما في قوله: ربها فتية دعوت إلى ما * يورث الحمد دائما فأجابوا والأصح أن هذا الضمير معرفة جرى مجرى النكرة، واختار ابن عصفور تبعا لجماعة أنه نكرة وإن جرها إياه ليس قليلا ولا شاذا خلافا لابن مالك، وإنها زائدة في الإعراب لا المعنى، وإن محل مجرورها على حسب