مغزلا قدر ذراع وصنارة مثل أبع وفلكة عظيمة على قدرها فكانت تغزل هي وجوارها من الغداة إلى الظهر ثم تأمرهن فينقضن ما غزلن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بكر بن حفص قال: كانت سعيدة الأسدية مجنونة تجمع الشعر والليف فنزلت هذه الآية * (ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها) * وروى ابن مردويه عن ابن عطاء أنها شكت جنونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وطلبت أن يدعو لها بالمعافاة فقال لها عليه الصلاة والسلام: " إن شئت دعوت فعافاك الله تعالى وإن شئت صبرت واحتسبت ولك الجنة " فاختارت الصبر والجنة، وذكر عطاء أن ابن عباس أراه إياها، وعن مجاهد هذا فعل نساء نجد تنقض أحداهن غزلها ثم تنفشه فتغزله بالصوف، وإلى عدم التعيين ذهب قتادة عليه الرحمة * (تتخذون أيمانكم دخلا بينكم) * حال من الضمير في * (لا تكونوا) * أو في الجار والمجرور الواقع موقع الخبر.
وجوز أن يكون خبر تكونوا و * (كالتي) * نقضت في موضع الحال وهو خلاف الظاهر، وقال الإمام: الجملة مستأنفة على سبيل الاستفهام الإنكاري أي أتتخذون، والداخل في الأصل ما يدخل الشيء ولم يكن منه ثم كنى به عن الفساد والعداوة المستبطنة كالدغل، وفسره قتادة بالغدر والخيانة، ونصبه على أنه مفعول ثان، وقيل: على المفعولية من أجله، وفائدة وقوع الجملة حالا الإشارة إلى وجه الشبه أي لا تكونوا مشبهين بامرأة هذا شأنها متخذين أيمانكم وسيلة للغدر والفساد بينكم * (أن تكون أمة) * أي بأن تكون جماعة * (هي أربى) * أي أزيد عددا وأوفر مالا * (من أمة) * أي من جماعة أخرى، والمعنى لا تغدروا بقوم بسبب كثرتكم وقلتهم بل حافظوا على أيمانكم معهم، وأخرج ابن جرير. وابن المنذر. وغيرهما عن مجاهد أنه قال: كانوا يحالفون الحلفاء فيجدون أكثر منهم وأعز فينقضون حلفهم ويحالفون الذين هم أعز فنهوا عن ذلك فالمعنى لا تغدروا بجماعة بسبب أن تكون جماعة أخرى أكثر منها وأعزل بل عليكم الوفاء بالأيمان والمحافظة عليها وإن قل من خلفتم له وكثر الآخر وجوز فيه * (تكون) * أن تكون تامة وناقصة - هي - أن يكون مبتدأ وعمادا * (فأربى) * إما مرفوع أو منصوب وأنت تعلم أن البصريين لا يجوزون كون * (هي) * عماد التنكر * (أمة) * وزعم بعض الشيعة أن هذه الآية قد حرفت وأصلها أن تكون أئمة هي أزكى من أئمتكم؛ ولعمري قد ضلوا سواء السبيل * (إنما يبلوكم الله به) * الضمير المجرور عائد إما على المصدر المنسبك من * (أن تكون) * أو على المصدر المنفهم من * (أربى) * وهو الربو بمعنى الزيادة، وقول ابن جبير. وابن السائب. ومقاتل يعني بالكثرة مرادهم من هذا واكتفوا ببيان حاصل المعنى، وظن ابن الأنباري أنهم أرادوا أن الضمير راجع إلى نفس الكثرة لكن لما كان تأنيثها غير حقيقي صح التذكير وهو كنما ترى، وقيل: إنه لأربى لتأويله بالكثير، وقيل: للأمر بالوفاء المدلول عليه بقوله تعالى - وأوفوا - الخ ولا حاجة إلى جعله منفهما من النهي عن الغدر بالعهد واختار بعضهم الأول لأنه أسرع تبادرا أي يعاملكم معاملة المختبر بذلك الكون لينظر أتتمسكون بحبل الوفاء بعهد الله تعالى وبيعة رسوله عليه الصلاة والسلام أم تغترون بكثرة قريش وشوكتهم وقلة المؤمنين وضعفهم بحسب ظاهر الحال * (وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون) * فيجازيكم بأعمالكم ثوابا وعقابا.
* (ولو شآء الله لجعلكم أمة واحدة ولاكن يضل من يشآء ويهدى من يشآء ولتسالن عما كنتم تعملون) * .
* (ولو شاء الله لجعلكم) * أيها الناس * (أمة واحدة) * متفقة على الإسلام * (ولاكن) * لا يشاء ذلك رعاية للحكمة بل * (يضل من يشاء) * إضلاله بأن يخلق فيه الضلال حسبما يصرف اختياره التابع