تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٠ - الصفحة ٢٤
أي قبيل المؤمنين أو الرسول أو الحاسب أو من خلفهم أو أحد، وهو معلوم من الكلام فلا يرد عليه أنه لم يسبق له ذكر، ومفعولا الفعل الذين كفروا وسبقوا، وحكى عن الفراء أن الفاعل الذين كفروا وان سبقوا بتقدير أن سبقوا فتكون أن وما بعدها سادة مسد المفعولين، وأيد بقراءة ابن مسعود * (أنهم سبقوا) *.
واعترضه أبو البقاء. وغيره بأن أن المصدرية موصول وحذف الموصول ضعيف في القياس شاذ في الاستعمال لم يرد منه إلا شيء يسير - كتسمع بالمعيدي خير من أن تراه - ونحوه فلا ينبغي أن يخرج كلام الله تعالى عليه.
وقرأ من عدا من ذكر * (تحسبن) * بالتاء الفوقية على أن الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم أو لكل من له حظ في الخطاب * (والذين كفروا سبقوا) * مفعولاه ولا كلام في ذلك.
وقرأ الأعمس * (ولا تحسب الذين) * بكسر الباء وفتحها على حذف النون الخفيفة، وقوله تعالى: * (إنهم لا يعجزون) * أي لا يفوتون الله تعالى أو لا يجدون طالبهم عاجزا عن إدراكهم تعليل للنهي على طريق الاستئناف. وقرأ ابن عامر * (أنهم) * بفتح الهمزة وهو تعليل أيضا بتقدير اللام المطرد حذفها في مثله.
وقيل: الفعل واقع عليه، و * (لا) * صلة ويؤيده أنه قرىء بحذفها و * (سبقوا) * حال بمعنى سابقين أي مفلتين هاربين.
وضعف بأن * (لا) * لا تكون صلة في موضع يجوز أن لا تكون كذلك وبأن المعهود كما قال أبو البقاء في المفعول الثاني لحسب في مثل ذلك أن تكون أن فيه مكسورة، وهذا على قراءة الخطاب لإزاحة ما عسى أن يحذر من عاقبة النبذ لما أنه ايقاظ للعدو وتمكين لهم من الهرب والخلاص من أيدي المؤمنين، وفيه نفي لقدرتهم على المقاومة والمقابلة على أبلغ وجه وآكده كما يشير إليه. وذكر الجبائي أن * (لا يعجزون) * على معنى لا يعجزونك على أنه خطاب أيضا للنبي عليه الصلاة والسلام ولا يخلو عن حسن، والظاهر أن عدم الاعجاز كيفما قدر المفعول اشارة إلى أنه سبحانه سيمكن منهم في الدنيا، فما روي عن الحسن أن المعنى لا يفوتون الله تعالى حتى لا يبعثهم في الآخرة غريب منه ان صح. وادعى الخازن أن المعنى على العموم على معنى لا يعجزون الله تعالى مطلقا اما في الدنيا بالقتل وإما في الآخرة بعذاب النار. وذكر أن فيه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم فيمن فاته من المشركين ولم ينتقم منه. وهو ظاهر على القول بأن الآية نزلت فيمن أفلت من فل المشركين، وروي ذلك عن الزهري. وقرىء * (يعجزون) * بالتشديد.
وقرأ ابن محيصن * (يعجزون) * بكسر النون بتقدير يعجزونني فحذفت إحدى النونين للتخفيف والياء اكتفاء بالكسرة، ومثله كثير في الكتاب.
* (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وءاخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شىء فى سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون) *.
* (وأعدوا لهم) * خطاب لكافة المؤمنين لما أن المأمور به من وظائف الكل أي أعدوا لقتال الذين نبذ إليهم العهد وهيئوا لحرابهم كما يقتضيه السباق أو لقتال الكفار على الاطلاق وهو الأولى كما يقتضيه ما بعده * (ما استطعتم من قوة) * أي من كل ما يتقوى به في الحرب كائنا ما كان، وأطلق عليه القوة مبالغة، وإنما ذكر هذا لأنه لم يكن له في بدر استعداد تام فنبهوا على أن النصر من غير استعداد لا يتأتى في كل زمان، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما تفسير القوة بأنواع الأسلحة، وقال عكرمة: هي الحصون والمعاقل. وفي رواية أخرى عنه أنها ذكور الخيل.
وأخرج أحمد. ومسلم. وخلق كثير عن عقبة بن عامر الجهني قال: " سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»