" يؤتي يوم القيامة بالحجر الأسود وله لسان ذلق ليشهد لمن يستلمه بالتوحيد " فهو يا أمير المؤمنين يضر وينفع. فقال عمر رضي الله تعالى عنه أعوذ بالله تعالى أن أعيش في قوم لست فيهم يا أبا الحسن.
قيل: ومن هنا يعلم قوله صلى الله عليه وسلم: " الحجر يمين الله تعالى في أرضه " والكلام في ذلك شهر، هذا ومن الناس من ذكر أن الناس بعد أن قالوا: بلى منهم من سجد سجدتين ومنهم من لم يسجد أصلا ومنهم من سجد مع الأولين السجدة الأولى ولم يسجد الثانية ومنهم من عكس، فالصنف الأول هم الذين يعيشون مؤمنين ويموتون كذلك، والثاني هم الذين يعيشون كفارا ويموتون كذلك. والثالث هم الذين يعيشون مؤمنين ويموتون كفارا، والرابع هم الذين يعيشون كفارا ويموتون مؤمنين انتهى. وهو كلام لم يشهد له كتاب ولا سنة فلا عول عليه، ومثله القول بأن بعضا من القائلين بلى قد مكر منهم إذ ذاك حيث أظهر لهم إبليس في ذلك الجمع وظنوا أنه القائل: ألست بربكم؟ فعنوه بالجواب وأولئك هم الأشقياء، وبعضا تجلى لهم الرب سبحانه فعرفوه وأجابوه وأولئك هم السعداء، وهذا عندي من البطلان بمكان؛ والذي ينبغي اعتقاده أنهم كلهم وجهوا الجواب لرب الأرباب. نعم ذهب البعض إلى أن البعض أجاب كرها واستدلوا له ببعض الآثار السالفة، وذهب أهل هذا القول إلى أن أطفال المشركين في النار، ومن قال: إنهم في الجنة ذهب إلى أنهم أقروا عند أخذ الميثاق اختيارا فيدخلون الجنة بذلك الإقرار والله سبحانه أرحم الراحمين وإسناد القول في الآية على بعض الأقوال إلى ضمير الجمع إنما هو باعتبار وقوعه من البعض فإن وقوعه من الكل باطل بداهة، ومثل هذا واقع في الآيات كثيرا * (وكذالك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون) * * (وكذلك نفصل الآيات) * أي ذلك التفصيل البليغ المستتبع للمنافع الجليلة نفصلها لا غير ذلك.
* (ولعلهم يرجعون) * عما هم عليه من الإصرار على الباطل نفعل التفصيل المذكور، وقيل: المعنى ولعلهم يرجعون إلى الميثاق الأول فيذكرونه ويعملون بمقتضاه نفعل ذلك، وأيا ما كان فالواو ابتدائية كالتي قبلها، وجوز أن تكون عاطفة على مقدر أي ليقفوا على ما فيها من المرغبات والزواجر، أو ليظهر الحق ولعلهم يرجعون، وقيل: إنها سيف خطيب.
هذا ومن باب الإشارة: قالوا: * (واسألهم عن القرية) * أي عن أهل قرية الجسد وهم الروح والقلب والنفس الأمارة وتوابعها * (التي كانت حاضرة البحر) * أي مشرفة على شاطىء بحر البشرية * (إذ يعدون في السبت) * يتجاوزون حدود الله تعالى يوم يحرم عليهم تناول بعض الملاذ النفسانية والعادي من أولئك الأهل إنما هو النفس الأمارة فإنها في مواسم الطاعات والكف عن الشهوات كشهر رمضان مثلا حريصة على تناول ما نهيت عنه والمرء حريص على ما منع * (إذ تأتيهم حيتانهم) * وهي الأمور التي نهوا عن تناولها * (يوم سبتهم) * الذي أمروا بتعظيمه شرعا قريبة المأخذ * (ويوم لا يسبتون لا تأتيهم) * بأن لا يتهيأ لهم ما يريدونه * (كذلك نبلوهم) * نعاملهم معاملة من يختبرهم * (بما كانوا يفسقون) * (الأعراف: 163) أي بسبب فسقهم المستمر طبعا. قال بعضهم: ما كان ما قص الله تعالى إلا كحال الإسلاميين من أهل زماننا في اجتماع أنواع الحظوظ النفسانية من المطاعم والمشارب والملاهي والمناكح ظاهرة في الأسواق والمحافل في الأيام المعظمة كالأعياد والأوقات المباركة كأوقات زيارة مشاهد الصالحين المعلومة المشهورة بين الناس * (وإذ قالت أمة منهم) * وهي القلب وأتباعه للأمة الواعظة وهي الروح وأتباعها * (لم تعظون قوما) * وهم النفس الأمارة وقواها * (الله مهلكهم أو معذبهم عذابا