تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٦ - الصفحة ١٩٤
فنقول:
" إن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في مكان بين مكة والمدينة عند مرجعه من حجة الوداع قريب من الجحفة يقال له: غدير خم، فبين فيها فضل علي كرم الله تعالى وجهه وبراءة عرضه مما كان تكلم فيه بعض من كان معه بأرض اليمن بسبب ما كان صدر منه (إليهم) من المعدلة التي ظنها بعضهم جورا وتضييقا وبخلا، والحق مع علي كرم الله تعالى وجهه في ذلك، وكانت يوم الأحد ثامن عشر ذي الحجة تحت شجرة هناك... فروى محمد بن إسحق عن يحيى بن عبد الله عن يزيد بن طلحة قال: لما أقبل علي كرم الله تعالى وجهه من اليمن ليلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة تعجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف على جنده الذين معه رجلا من أصحابه، فعمد ذلك الرجل فكسا كل رجل حلة من البز الذي كان مع علي كرم الله تعالى وجهه، فلما دنا جيشه خرج ليلقاهم فإذا عليهم الحلل، قال: ويلك ما هذا؟ قال: كسوت القوم ليتجملوا به إذا قدموا في الناس، قال: ويلك انتزع قبل أن ننتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فانتزع الحلل من الناس فردها في البز (قال) (1) وأظهر الجيش شكواه لما صنع لهم.
وأخرج عن زينب بنت كعب - وكانت عند أبي سعيد الخدري - عن أبي سعيد قال: اشتكى الناس عليا كرم الله تعالى وجهه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا خطيبا فسمعته يقول: أيها الناس لا تشكوا عليا فوالله إنه لأخشن في ذات الله تعالى - أو في سبيل الله تعالى، ورواه الإمام أحمد، وروى أيضا عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن بريدة الأسلمي قال: غزوت مع علي اليمن فرأيت منه جفوة، فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت عليا كرم الله تعالى وجهه (فتنقصته) (1)، فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تغير، فقال (يا) (1) بريدة: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلى يا رسول الله قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، وكذا رواه النسائي بإسناد جيد قوي رجاله كلهم ثقات، وروي بإسناد آخر تفرد به، وقال الذهبي: إنه صحيح عن زيد بن أرقم قال: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فغممن، ثم قال: " كأني قد دعيت فأجبت إني قد تركت فيكم الثقلين كتاب الله تعالى وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، الله تعالى مولاي وأنا ولي كل مؤمن، ثم أخذ بيد علي كرم الله تعالى وجهه فقال: من كنت مولاه فهذا وليه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه "، فما كان في الدوحات أحد إلا رآه بعينيه وسمعه بأذنيه.
وروى ابن جرير عن علي بن زيد وأبي هارون العبيدي وموسى بن عثمان عن البراء قال: " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فلما أتينا على غدير خم كشح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين ونودي في الناس الصلاة جامعة، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا كرم الله تعالى وجهه وأخذ بيده وأقامه عن يمينه، فقال: ألست أولى بكل امرىء من نفسه؟ قالوا: بلى، قال: فإن هذا مولى من أنا مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فلقيه عمر بن الخطاب فقال رضي الله تعالى عنه: هنيئا لك أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة - وهذا ضعيف - فقد نصوا أن علي بن زيد وأبا هارون وموسى ضعفاء لا يعتمد على روايتهم "، وفي السند أيضا - أبو إسحق - وهو شيعي مردود الرواية.
وروى ضمرة بإسناده عن أبي هريرة قال: لما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يد علي كرم الله تعالى وجهه قال: من كنت مولاه، فأنزل الله تعالى * (اليوم أكملت لكم دينكم) * (المائدة: 3) ثم قال أبو هريرة:
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»