تفسير آيات من القرآن الكريم - محمد بن عبد الوهاب - الصفحة ٩
* قد هيئوك لأمر لو فطنت له * فأربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل * وها أنا أذكر لك بعض معاني هذه السورة العظيمة لعلك تصلي بحضور قلب، ويعلم قلبك ما نطق به لسانك، لأن ما نطق به اللسان ولم يعقد عليه القلب ليس بعمل صالح كما قال تعالى: * (يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم) * وأبدأ بمعنى الاستعاذة، ثم البسملة، على طريق الاختصار والإيجاز، فمعنى (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) ألوذ بالله وأعتصم بالله وأستجير بجنابه من شر هذا العدو، أن يضرني في ديني أو دنياي، أو يصدني عن فعل ما أمرت به، أو يحثني على فعل ما نهيت عنه، لأنه أحرص ما يكون على العبد إذا أراد عمل الخير من صلاة أو قراءة أو غير ذلك، وذلك أنه لا حيلة لك في دفعة إلا بالاستعاذة بالله لقوله تعالى: * (إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم) * فإذا طلبت من الله أن يعيذك منه، واعتصمت به كان هذا سببا في حضور القلب فاعرف معنى هذه الكلمة ولا تقلها باللسان فقط كما عليه أكثر الناس.
وأما البسملة فمعناها أدخل في هذا الأمر من قراءة أو دعاء أو غير ذلك (بسم الله) لا بحولي ولا بقوتي، بل أفعل هذا الأمر مستعينا بالله، متبركا باسمه تبارك وتعالى، هذا في كل أمر تسمى في أوله من أمر الدين أو أمر الدنيا، فإذا أحضرت في نفسك أن دخولك في القراءة بالله مستعينا به، متبرئا من الحول والقوة كان هذا أكبر الأسباب في حضور القلب، وطرد الموانع من كل خير.
(٩)
مفاتيح البحث: العقد (1)، الصّلاة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»