أني مرسل إليكم هدى من عندي، لا أكلكم إلى رأيكم ولا رأي علمائكم، بل أنزل إليكم العلم الواضح الذي يبين الحق من الباطل؛ والصحيح من الفاسد والنافع من الضار * (لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل) *.
ومعلوم أن الهدى هو هذا القرآن، فمن زعم أن القرآن لا يقدر على الهدى منه إلا من بلغ رتبة الاجتهاد فقد كذب الله في خبره أنه هدى، فإنه على هذا القول الباطل لا يكون هدى إلا في حق الواحد من الآلاف المؤلفة، وأما أكثر الناس فليس هدى في حقهم، بل الهدى في حقهم أن كل فرقة تتبع ما وجدت عليه الآباء فما أبطل هذا من قول! وكيف يصح لمن يدعي الإسلام أن يظن في الله وكتابه هذا الظن؟
ولما عرف الله سبحانه أن هذه الأمة سيجري عليها ما جرى على من قبلها من اختلاف على أكثر من سبعين فرقة، وأن الفرق كلها تترك هدى الله إلا فرقة واحدة، وأن الفرق كلها يقرون بأن كتاب الله هو الحق، لكن يعتذرون بالعجز، وأنهم لو يتعلمون كتاب الله ويعملون به لم يفهموه لغموضه قال: * (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى) * وهذا تكذيب لهؤلاء الذين ظنوا في القرآن ظن السوء.
قال ابن عباس: تكفل الله لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه أن لا يضل