قوله: * (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) * [البقرة: 188] ففي التعدي والخدع ونحوه، وأما هذه الآية ففي إباحة طعام هذه الأصناف التي يسرها - استباحة طعامها على هذه الصفة، وأما آية الإذن فعله إيجاب الاستيذان خوف الكشفة، فإذا استأذن المرء ودخل المنزل بالوجه المباح صح له بعد ذلك أكل الطعام بهذه الإباحة، وليس يكون في الآية نسخ فتأمله.
وقوله / تعالى: * (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله...) * الآية: إنما هنا:
للحصر، والأمر الجامع يراد به ما للإمام حاجة إلى جمع الناس فيه لمصلحة، فالأدب اللازم في ذلك ألا يذهب أحد لعذر إلا بإذنه، والإمام الذي يترقب إذنه هو إمام الإمارة، وروي: أن هذه الآية نزلت في وقت حفر النبي صلى الله عليه وسلم خندق المدينة، فكان المؤمنون يستأذنون، والمنافقون يذهبون دون إذن، ثم أمر تعالى نبيه عليه السلام بالاستغفار لصنفي المؤمنين: من أذن له، ومن لم يؤذن [له] وفي ذلك تأنيس للمؤمنين ورأفة بهم.
وقوله تعالى: * (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا) * أي: لا تخاطبوه كمخاطبة بعضكم لبعض، وأمرهم تعالى في هذه الآية وفي غيرها أن يدعو رسول الله بأشرف أسمائه; وذلك هو مقتضى التوقير، فالأدب في الدعاء أن يقول: يا رسول الله، ويكون ذلك بتوقير وبر، وخفض صوت، قاله مجاهد، واللواذ: الروغان، ثم أمرهم تعالى بالحذر من عذاب الله ونقمته إذا خالفوا أمره ومعنى * (يخالفون عن أمره أي: يقع خلافهم بعد أمره، ثم أخبر تعالى أنه قد علم ما أهل الأرض والسماء عليه، وباقي الآية بين، والحمد لله.