تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٥٢٩
(* قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون (151) ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشدة وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون (152) وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون (153)) وقوله سبحانه: (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا): هذا أمر من الله عز وجل لنبيه - عليه السلام - أن يدعو جميع الخلق إلى سماع تلاوة ما حرم الله بشرع الإسلام المبعوث به إلى الأسود والأحمر، و (ما) نصبت بقوله: (أتل)، وهي بمعنى " الذي "، و " أن "، في قوله: (ألا تشركوا) في موضع رفع، التقدير: الأمر أن، أو ذاك أن، وقال كعب الأحبار: هذه الآية هي مفتتح التوراة: " بسم الله الرحمن الرحيم قل تعالوا أتل ما حرم ربكم...) إلى آخر الآيات، وقال ابن عباس: هذه الآيات هي المحكمات المذكورة في آل عمران، اجتمعت عليها شرائع الخلق، ولم تنسخ قط في ملة، وقد قيل: إنها العشر الكلمات المنزلة على موسى، والإملاق: الفقر وعدم المال، قاله ابن عباس وغيره، قال القشيري: خوف الفقر قرينة الكفر، وحسن الثقة بالرب سبحانه نتيجة الإيمان. انتهى من " التحبير ".
وقوله سبحانه: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن)، قال مجاهد: (التي هي أحسن): التجارة فيه، والأشد هنا: الحزم والنظر في الأمور وحسن التصرف فيها، وليس هذا بالأشد المقرون بالأربعين، بل هذا يكون مع صغر السن في ناس كثير.
وقوله سبحانه: (وأوفوا الكيل والميزان): أمر بالاعتدال.
وقوله سبحانه: (لا نكلف نفسا إلا وسعها): يقتضي أن هذه الأوامر إنما هي فيما يقع تحت قدرة البشر من التحفظ والتحرز.
(٥٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 524 525 526 527 528 529 530 531 532 533 534 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة