تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٣٢٨
محذوف قامت صفته مقامه، أي: وما أحد من أهل الكتاب، كما حذف في قوله تعالى:
(وإن منكم إلا واردها) [مريم: 71]، وقوله تعالى: (وما منا إلا له مقام معلوم) [الصافات: 164] أي: وما أحد منا، وما أحد منكم، قال الشيخ أبو حيان: (ليؤمنن به):
جواب قسم محذوف، والقسم وجوابه هو الخبر، وكذلك أيضا (إلا له مقام) و (إلا واردها)، هما الخبر، قال الزجاج: وحذف " أحد " مطلوب في كل نفي يدخله الاستثناء، نحو: ما قام إلا زيد، أي: ما قام أحد إلا زيد. انتهى.
(فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا (160) وأحذرهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما (161) لكن الراسخون في العلم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما (162)) وقوله تعالى: (فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم...) الآية:
(فبظلم): معطوف على قوله سبحانه: (فبما نقضهم) [النساء: 155]، والطيبات هنا: هي الشحوم، وبعض الذبائح، والطير والحوت، وغير ذلك، وقرأ ابن عباس: " طيبات كانت أحلت لهم ".
(وبصدهم عن سبيل الله كثيرا): يحتمل أن يريد صدهم في ذاتهم، ويحتمل أن يريد صدهم غيرهم، (وأخذهم الربا)، هو الدرهم بالدرهمين إلى أجل، ونحو ذلك مما هو مفسدة، وقد نهوا عنه، ثم استثنى سبحانه الراسخين في العلم منهم، كعبد الله بن سلام، ومخيريق، ومن جرى مجراهم.
واختلف الناس في قوله سبحانه: (والمقيمين)، وكيف خالف إعرابها إعراب ما تقدم وما تأخر.
فقال بعض نحاة البصرة والكوفة: إنما هذا من قطع النعوت، إذا كثرت على النصب ب‍ " أعني " والرفع بعد ذلك ب‍ " هم "، وقال قوم: (والمقيمين): عطف على " ما " في قوله:
(وما أنزل من قبلك)، والمعنى: ويؤمنون بالمقيمين الصلاة، وهم الملائكة، أو من تقدم من الأنبياء، وقال قوم: (والمقيمين): عطف على الضمير في منهم، وقال آخرون: بل على الكاف في قوله: (من قبلك).
(٣٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة