تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ١٥٦
عطية، قاله سفيان وغيره، وقال قوم: نزلت في عبد الله بن سلام، وقال ابن زيد ومجاهد: نزلت في جميع من آمن من أهل الكتاب.
وقوله سبحانه: (لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا): مدح لهم، وذم لسائر كفار أهل الكتاب، لتبديلهم وإيثارهم مكاسب الدنيا على آخرتهم، وعلى آيات الله سبحانه، ثم ختم الله سبحانه السورة بهذه الوصاة التي جمعت الظهور في الدنيا على الأعداء، والفوز بنعيم الآخرة، فحض سبحانه على الصبر على الطاعات، وعن الشهوات، وأمر بالمصابرة، فقيل: معناه مصابرة الأعداء، قاله زيد بن أسلم، وقيل: معناه مصابرة وعد الله في النصر، قاله محمد بن كعب القرظي، أي: لا تسأموا وانتظروا الفرج، وقد قال صلى الله عليه وسلم:
" انتظار الفرج بالصبر عبادة ".
قال الفخر: والمصابرة عبارة عن تحمل المكاره الواقعة بين الإنسان، وبين الغير.
انتهى.
وقوله: (ورابطوا): معناه عند الجمهور: رابطوا أعداءكم الخيل، أي: ارتبطوها، كما يرتبطها أعداؤكم، قلت: وروى مسلم في " صحيحه "، عن سلمان، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقه، وأمن الفتان "، وخرج الترمذي، عن فضالة بن عبيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " كل ميت يختم على عمله إلا الذي مات مرابطا في سبيل الله، فإنه ينمو عمله إلى يوم القيامة، ويأمن من فتنة القبر "، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة