تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٧ - الصفحة ٤٢٩
يجحدون * الله الذى جعل لكم الا رض قرارا والسمآء بنآء وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين * هو الحى لا إلاه إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين * قل إنى نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله لما جآءنى البينات من ربى وأمرت أن أسلم لرب العالمين * هو الذى خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى من قبل ولتبلغوا أجلا مسمى ولعلكم تعقلون * هو الذى يحى ويميت فإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون * ألم تر إلى الذين يجادلون فىءايات الله أنى يصرفون * الذين كذبوا بالكتاب وبمآ أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون * إذ الا غلال فىأعناقهم والسلاسل يسحبون * فى الحميم ثم فى النار يسجرون * ثم قيل لهم أين ما كنتم تشركون * من دون الله قالوا ضلوا عنا بل لم نكن ندعوا من قبل شيئا كذلك يضل الله الكافرين * ذلكم بما كنتم تفرحون فى الا رض بغير الحق وبما كنتم تمرحون * ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين * فاصبر إن وعد الله حق فإما نرينك بعض الذى نعدهم أو نتوفينك فإلينا يرجعون * ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك وما كان لرسول أن يأتى بأاية إلا بإذن الله فإذا جآء أمر الله قضى بالحق وخسر هنالك المبطلون * الله الذى جعل لكم الا نعام لتركبوا منها ومنها تأكلون * ولكم فيها منافع ولتبلغوا عليها حاجة فى صدوركم وعليها وعلى الفلك تحملون * ويريكم ءاياته فأى ءايات الله تنكرون * أفلم يسيروا فى الا رض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة وءاثارا فى الا رض فمآ أغنى عنهم ما كانوا يكسبون * فلما جآءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون * فلما رأوا بأسنا قالوا ءامنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين * فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التى قد خلت فى عباده وخسر هنالك الكافرون) *)) ) * أزف الشيء: قرب، قال الشاعر:
* أزف الترحل غير أن ركابنا * لما تزل برحالنا وكأن قد * التباب: الخسران، السلسلة معروفة، السحب: الجر، سجرت التنور: ملأنه نارا.
* (حم * تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم * غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذى الطول لا إلاه إلا هو إليه المصير * ما يجادل فىءايات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم فى البلاد * كذبت قبلهم قوم نوح والاحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف) *.
سبع الحواميم مكيات، قالوا بإجماع. وقيل: في بعض آيات هذه السور مدني. قال ابن عطية: وهو ضعيف. وفي الحديث: (أن الحواميم ديباج القرآن) وفيه: (من أراد أن يرتع في رياض مونقة من الجنة فليقرأ الحواميم)، وفيه: (مثل الحواميم في القرآن مثل الحبرات في الثياب وهذه الحواميم مقصورة على المواغظ والزجر وطرق الآخرة وهي قصار لا تلحق فيها سآمة).
ومناسبة أول هذه السورة لآخر الزمر أنه تعالى لما ذكر ما يؤول إليه حال الكافرين وحال المؤمنين، ذكر هنا أنه تعالى * (غافر الذنب وقابل التوب) *، ليكون ذلك استدعاء للكافر إلى الإيمان، وإلى الإقلاع عما هو فيه، وأن باب التوبة مفتوح. وذكر شدة عقابه وصيرورة العالم كلهم فيه ليرتدع عما هو فيه، وأن رجوعه إلى ربه فيجازيه بما يعمل من خير أو شر. وقرئ: بفتح الحاء، اختيار أبي القاسم بن جبارة الهذلي، صاحب كتاب: (الكامل في القرآن)، وأبو السمال: بكسرها على أصل التقاء الساكنين، وابن أبي إسحاق وعيسى: بفتحها، وخرج على أنها حركة التقاء الساكنين، وكانت فتحة طلبا للخفة كأين، وحركة إعراب على انتصابها بفعل مقدر تقديره: اقرأ حم. وفي الحديث: (أن أعرابيا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم) عن حم ما هو؟ فقال: أسماء وفواتح سور)، وقال شريح بن أبي أوفى العبسي:
* يذكرني حاميم والرمح شاجر * فهلا تلا حاميم قبل التقدم * وقال الكميت:
* وجدنا لكم في آل حميم آية * تأولها منا تقي ومعرب *
(٤٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 ... » »»