تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٧ - الصفحة ٣٩٧
* أعطى فلم يبخل ولم يبخل * كوم الذرى من خول المخول * هاج الزرع: ثار من منابته، وقيل: يبس. الحطام: الفتات بعد يبسه. القشعريرة: تقبض الجلد، يقال: اقشعر جلده من الخوف: وقف شعره، وهو مثل في شدة الخوف. الشكاسة: سوء الخلق وعسره.
* (تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم * إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين * ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم) *.
هذه السورة مكية، وعن ابن عباس: إلا * (الله نزل أحسن الحديث) *، و * (قل ياأهل * عبادى * الذين أسرفوا) *. وعن مقاتل: إلا * (قل ياعبادى الذين أسرفوا) *، وقوله: * (قل ياعباد الذين ءامنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا فى هاذه الدنيا حسنة) *. وعن بعض السلف: إلا * (قل ياعبادى الذين أسرفوا) *، إلى قوله: * (تشعرون) *، ثلاث آيات. وعن بعضهم: إلا سبع آيات، من قوله: * (قل ياعبادى الذين أسرفوا) *. ومناسبتها لآخر ما قلبها أنه ختم السورة المتقدمة بقوله: * (إن هو إلا ذكر للعالمين) *، وبدأ هنا: * (تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم) *. وقال الفراء والزجاج: * (تنزيل) * مبتدأ، و * (من الله) * الخبر، أو خبر مبتدأ محذوف، أي هذا تنزيل، ومن الله متعلق بتنزيل؛ وأقول إنه خبر، والمبتدأ هو ليعود على قوله: * (إن هو إلا ذكر للعالمين) *، كأنه قيل: وهذا الذكر ما هو فقيل: هو تنزيل الكتاب. وقال الزمخشري: أو غير صلة، يعني من الله، كقولك: هذا الكتاب من فلان إلى فلان، وهو على هذا خبر بعد خبر، أو خبر مبتدأ محذوف تقديره: هذا تنزيل الكتاب. هذا من الله، أو حال من تنزيل عمل فيها معنى الإشارة. انتهى. ولا يجوز أن يكون حالا عمل فيها معنى الإشارة، لأن معاني الأفعال لا تعمل إذا كان ما هو فيه محذوفا، ولذلك ردوا على أبي العباس قوله في بيت الفرزذق:
وإذ ما مثلهم بشر أن مثلهم منصوب بالخبر المحذوف وهو مقدر، أي وأن ما في الوجود في حال مماثلتهم بشر. والكتاب يظهر أنه القرآن، وكرر في قوله: * (إنا أنزلنا إليك الكتاب) * على جهة التفخيم والتعظيم، وكونه في جملة غير السابقة ملحوظا فيه إسناده إلى ضمير العظمة وتشريف من أنزل إليه بالخطاب وتخصيصه بالحق. وقرأ ابن أبي عبلة وزيد بن علي وعيسى: تنزيل بالنصب، أي اقرأ والزم. وقال ابن عطية: قال المفسرون في تنزيل الكتاب هو القرآن، ويظهر لي أنه اسم عام لجميع ما تنزل من عند الله من الكتب، وكأنه أخبر إخبارا مجردا أن الكتاب الهادية الشارعة إنما تنزيلها من الله، وجعل هذا الإخبار تقدمة وتوطئة لقوله: * (إنا أنزلنا إليك الكتاب) *، والعزيز في قدرته، الحكيم في ابتداعه. والكتاب الثاني هو القرآن، لا يحتمل
(٣٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 402 ... » »»