دقائق التفسير - ابن تيمية - ج ٣ - الصفحة ٢٦
* من كل مجتنب شديد أسره * سلس القياد تخاله مختالا * ولا يكون ذلك إلا فيما له شد ورباط ومنه الاسئار وهو الحبل الذي يشد به الأسير ثم أخبر سبحانه أنه قادر على أن يبدل أمثالهم بعد موتهم وأنه شاء ذلك فعله وإذا للمحقق فهذا التبديل واقع لا محالة فهو الإعادة التي هي مثل البداءة هذا هو معنى الآية ومن قال غير ذلك لم يصب معناها ولا توحشك لفظة المثل فإن المعاد مثل للمبدوء وإن كان هو بعينه فهو معاد أو هو مثله من جهة المغايرة بين كونه مبدءا ومعادا وهذا كالدار إذا تهدمت وأعيدت بعينها فهي الأولى وكذلك الصلاة المعادة هي الأولى وهي مثلها وقد نطق القرآن بأنه سبحانه يعيدهم ويعيد أمثالهم إذا شاء وكلاهما واحد فقال * (كما بدأكم تعودون) * سورة الأعراف 29 وقال تعالى * (وإلينا ترجعون) * سورة الأنبياء 35 وقال * (وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده) * سورة الروم 27 وقال * (أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم) * سورة يس 81 وقال * (إنا لقادرون) * * (على أن نبدل أمثالكم وننشئكم في ما لا تعلمون ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون) * سورة الواقعة 61 63 فهذا كله معاد الأبدان وقد صرح سبحانه بأنه خلق جديد في موضعين من كتابه وهذا الخلق الجديد هو المثل ثم ختم سبحانه السورة بالشرع والقدر كما افتتحها بالخلق والهداية فقال * (فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا) * الآية 29 فهذا شرعه ومحل أمره ونهيه ثم قال * (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله) * الآية 30 فهذا قضاؤه وقدره ثم ذكر الاسمين الموجبين
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 21 22 23 24 25 26 27 28 114 115 142 ... » »»