ومن ههنا قال من قال من المفسرين المقربون يوفون بطاعة الله ويقومون بحقه عليهم وذلك أن العبد إذا نذر لله طاعة فوفى بها فإنما يفعل ذلك لكونها صارت حقا لله يجب الوفاء بها وهذا موجود في حقوقه كلها فهي في ذلك سواء ثم أخبر عنهم بأنهم يخافون اليوم العسير القمطرير وهو يوم القيامة ففي ضمن هذا الخوف إيمانهم باليوم الآخر وكفهم عن المعاصي التي تضرهم في ذلك اليوم وقيامهم بالطاعات التي ينفعهم فعلها ويضرهم تركها في ذلك اليوم ثم أخبر عنهم باطعام الطعام على محبتهم له وذلك يدل على نفاسته عندهم وحاجتهم إليه وما كان كذلك فالنفوس به أشح والقلوب به أعلق واليد له أمسك فإذا بذلوه في هذه الحال فهم لما سواه من حقوق العباد أبذل فذكر من حقوق العباد بذل قوت النفس على نفاسته وشدة الحاجة منبها على الوفاء بما دونه كما ذكر من حقوقه الوفاء بالنذر منبها على الوفاء بما هو فوقه وأوجب منه ونبه بقوله * (على حبه) * الآية 8 أنه لولا أن الله سبحانه أحب إليهم منه لما آثروه على ما يحبونه فآثروا المحبوب الأعلى على الأدنى ثم ذكر أن مصرف طعامهم إلى المسكين واليتيم والأسير الذين لا قوة لهم ينصرونهم بها ولا مال لهم يكافئونهم به ولا أهل ولا عشيرة يتوقعون منهم مكافأتهم كما يقصده أهل لدنيا والمعاوضون بانفاقهم واطعامهم ثم أخبر عنهم أنهم إنما فعلوا ذلك لوجه الله وأنهم لا يريدون من أطعموه عوضا من أموالهم ولا ثناء عليهم بألسنتهم كما يريده من لا اخلاص له باحسانه إلى الناس من معاوضتهم أو الشكور منهم فتضمن ذلك المحبة والاخلاص والاحسان ثم أخبر سبحانه عنهم بما صدقهم عليه قبل أن يقولوه حيث قالوا * (إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا) * الآية 10 فصدقهم قبل قولهم إذ يقول تعالى * (يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا) * الآية 7 ثم أخبر سبحانه بأنه وقاهم شر ما يخافونه ولقاهم فوق ما كانوا يأملونه وذكر سبحانه أصناف النعيم الذي حباهم به من المساكن والملابس والمجالس والثمار
(٢٣)