دقائق التفسير - ابن تيمية - ج ٢ - الصفحة ١٢٥
وأما قوله * (لن يستنكف المسيح) * الآية وقوله * (وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله) * فإنه حكى قولهم الذي قالوه وهم قد نسبوه إلى الله أنه ابنه فلم يضمنوا ذلك قولهم المسيح ابن مريم وقوله * (ولم يكن له كفوا أحد) * نفي للشركاء والأنداد يدخل فيه كل من جعل شيئا كفوا لله في شيء من خواص الربوبية مثل خلق الخلق والإلهية كالعبادة له ودعائه ونحو ذلك فهذه نكت تبين اشتمال كتاب الله على إبطال قول من يعتقد في أحد من البشر الإلهية باتحاد أو حلول أو غير ذلك فصل قوله تعالى * (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار) * سورة الأنعام 103 أولا النزاع في هذه المسألة بين طوائف الإمامية كما النزاع فيها بين غيرهم فالجهمية والمعتزلة والخوارج وطائفة من غير الإمامية تنكرها والإمامية لهم فيها قولان فجمهور قدمائهم يثبت الرؤية وجمهور متأخريهم ينفونها وقد تقدم أن أكثر قدمائهم يقولون بالتجسيم قال الأشعري وكل المجمسة إلا نفرا قليلا يقول بإثبات الرؤية وقد يثبت الرؤية من لا يقول بالتجسيم قلت وأما الصحابة والتابعون وأئمة الإسلام المعروفون بالإمامة في الدين كمالك والثوري والأوزاعي والليث بن سعد والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي حنيفة وأبي يوسف وأمثال هؤلاء وسائر أهل السنة والحديث والطوائف المنتسبين إلى السنة والجماعة كالكلابية والكرامية والأشعرية والسالمية وغيرهم فهؤلاء كلهم متفقون على إثبات الرؤية لله تعالى والأحاديث بها متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم عند أهل العلم بحديثه وكذلك الآثار بها متواترة عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان وقد ذكر الإمام أحمد وغيره من الأئمة العالمين أقوال السلف أن الصحابة والتابعين لهم بإحسان متفقون على أن الله يرى في الآخرة بالأبصار ومتفقون على أنه لا يراه أحد في الدنيا بعينه ولم يتنازعوا في ذلك
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 130 131 132 ... » »»