كلامه ورؤيته بين محمد وموسى صلى الله وسلم عليهما، فكلمه موسى مرتين، ورآه محمد صلى الله عليه وسلم مرتين.
قوله تعالى: قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين (144) قوله تعالى: (يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي) الاصطفاء:
الاجتباء، أي فضلتك. ولم يقل على الخلق، لأن من هذا الاصطفاء أنه كلمه وقد كلم الملائكة وأرسله وأرسل غيره. فالمراد " على الناس " المرسل إليهم. وقرأ " برسالتي " على الإفراد نافع وابن كثير. والباقون بالجمع. والرسالة مصدر، فيجوز إفرادها. ومن جمع على أنه أرسل بضروب من الرسالة فاختلفت أنواعها، فجمع المصدر لاختلاف أنواعه، كما قال: " إن أنكر الأصوات لصوت الحمير (1) ". فجمع لاختلاف أجناس الأصوات واختلاف المصوتين. ووحد في قوله " الصوت " لما أراد به جنسا واحدا من الأصوات. ودل هذا على أن قومه لم يشاركه في التكليم ولا واحد من السبعين، كما بيناه في " البقرة (2) ".
قوله تعالى: (فخذ ما آتيك) إشارة إلى القناعة، أي اقنع بما أعطيتك. (وكن من الشاكرين) أي من المظهرين لإحساني إليك وفضلي عليك، يقال: دابة شكور إذا ظهر عليها من السمن فوق ما تعطى من العلف. والشاكر معرض للمزيد كما قال: " لئن شكرتم لأزيدنكم (3) ". ويروى أن موسى عليه السلام مكث بعد أن كلمه الله تعالى أربعين ليلة لا يراه أحد إلا مات من نور الله عز وجل.
قوله تعالى: وكتبنا له في الألواح من كل شئ موعظة وتفصيلا لكل شئ فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها سأوريكم دار الفسقين (145)