تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ٢٨١
قوله تعالى: (وكتبنا له في الألواح من كل شئ) يريد لتوراة. وروي في الخبر أنه قبض عليه جبريل عليه السلام بجناحه فمر به في العلا حتى أدناه حتى سمع صريف القلم حين كتب الله له الألواح، ذكره الترمذي الحكيم. وقال مجاهد: كانت الألواح من زمردة خضراء. ابن جبير: من ياقوتة حمراء. أبو العالية: من زبرجد. الحسن: من خشب، نزلت من السماء. وقيل: من صخرة صماء، لينها الله لموسى عليه السلام فقطعها بيده ثم شقها بأصابعه، فأطاعته كالحديد لداود. قال مقاتل: أي كتبنا (له (1)) في الألواح كنقش الخاتم.
ربيع بن أنس: نزلت التوراة وهي سبعون وقر (2) بعير. وأضاف الكتابة إلى نفسه على جهة التشريف، إذ هي مكتوبة بأمره كتبها جبريل بالقلم الذي كتب به الذكر. واستمد من نهر النور. وقيل: هي كتابة أظهرها الله وخلقها في الألواح. وأصل اللوح: (لوح (3)) (بفتح اللام)، قال الله تعالى: " بل هو قرآن مجيد. في لوح محفوظ (4) ". فكأن اللوح تلوح فيه المعاني. ويروى أنها لوحان، وجاء بالجمع لأن الاثنين جمع. ويقال: رجل عظيم الألواح إذا كان كبير عظم اليدين والرجلين. ابن عباس: وتكسرت الألواح حين ألقاها فرفعت إلا سدسها. وقيل: بقي سبعها ورفعت ستة أسباعها. فكان في الذي رفع تفصيل كل شئ، وفي الذي بقي الهدى والرحمة. وأسند أبو نعيم الحافظ عن عمرو بن دينار قال: بلغني أن موسى بن عمران نبي الله صلى الله عليه وسلم صام أربعين ليلة، فلما ألقى الألواح تكسرت فصام مثلها فردت إليه. ومعنى " من كل شئ " مما يحتاج إليه في دينه من الأحكام وتبيين الحلال والحرام، عن الثوري وغيره. وقيل: هو لفظ يذكر تفخيما ولا يراد به التعميم، تقول: دخلت السوق فاشتريت كل شئ. وعند فلان كل شئ. و " تدمر كل شئ (5) " . " وأوتيت من كل شئ (6) " وقد تقدم. (موعظة وتفصيلا لكل شئ) أي لكل شئ أمروا به من الأحكام، فإنه لم يكن عندهم اجتهاد، وإنما خص بذلك أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
(فخذها بقوة) في الكلام حذف، أي فقلنا له: خذها بقوة، أي بجد ونشاط. نظيره

(1) من ب، ع.
(2) الوقر (بكسر الواو): الحمل الثقيل. وعم بعضهم به الثقيل والخفيف وما بينهما.
(3) من ع. وهو الصواب. والذي في ب ى ا ك: اللمع. وليست بشئ. بدليل الآية الشاهد.
(4) راجع ج 19 ص 269.
(5) راجع ج 16 ص 206.
(6) راجع ج 13 ص 184.
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 ... » »»