ولهذا قال " ومحرم على أزواجنا " على اللفظ. ولو راعى المعنى لقال ومحرمة. ويعضد هذا قراءة الأعمش " خالص " بغير هاء. قال الكسائي: معنى خالص وخالصة واحد، إلا أن الهاء للمبالغة، كما يقال: رجل داهية وعلامة، كما تقدم. وقرأ قتادة " خالصة " بالنصب على الحال من الضمير في الظرف الذي هو صلة " ما ". وخبر المبتدأ محذوف، كقولك:
الذي في الدار قائما زيد. هذا مذهب البصريين. وانتصب عند الفراء على القطع. وكذا القول في قراءة سعيد بن جبير " خالصا ". وقرأ ابن عباس " خالصه " على الإضافة فيكون ابتداء ثانيا، والخبر " لذكورنا " والجملة خبر " ما ". ويجوز أن يكون " خالصه " بدلا من " ما ". فهذه خمس قراءات. (ومحرم على أزواجنا) أي بناتنا، عن ابن زيد. وغيره:
نساؤهم. وإن يكن ميته قرئ بالياء والتاء، أي إن يكن ما في بطون الأنعام (1) ميتة (فهم فيه شركاء) أي الرجال والنساء. وقال " فيه " لأن المراد بالميتة الحيوان، وهي تقوي قراءة الياء، ولم يقل فيها. " ميتة " بالرفع بمعنى تقع أو تحدث. " ميتة " بالنصب، أي وإن تكن النسمة ميتة. (سيجزيهم وصفهم) أي كذبهم وافتراءهم، أي يعذبهم على ذلك.
وانتصب " وصفهم " بنزع الخافض، أي بوصفهم وفي الآية دليل على أن العالم ينبغي له أن يتعلم قول من خالفه وإن لم يأخذ به، حتى يعرف فساد قول، ويعلم كيف يرد عليه، لأن الله تعالى أعلم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قول من خالفهم من (أهل (2) زمانهم، ليعرفوا فساد قولهم.
قوله تعالى: قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين (140) أخبر بخسرانهم لو أدهم البنات وتحريمهم البحيرة وغيرها بعقولهم، فقتلوا أولادهم سفها خوف الإملاق، وحجروا على أنفسهم في أموالهم ولم يخشوا الإملاق، فأبان ذلك عن تناقض رأيهم.
قلت: إنه كان من العرب من يقتل ولده خشية الإملاق، كما ذكر الله عز وجل في غير هذا الموضع. وكان منهم من يقتله سفها بغير حجة منهم في قتلهم، وهم ربيعة ومضر، وكانوا