قوله تعالى: (حتى إذا جاء أحدكم الموت) يريد أسبابه. كما تقدم في " البقرة ". (1) (توفته رسلنا) على تأنيث الجماعة، كما قال: " ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات " و " كذبت رسل " (2). وقرأ حمزة " توفاه رسلنا " على تذكير الجمع. وقرأ الأعمش " تتوفاه رسلنا " بزيادة تاء والتذكير. والمراد أعوان ملك الموت، قاله ابن عباس وغيره. ويروى أنهم يسلون الروح من الجسد حتى إذا كان عند قبضها قبضها ملك الموت. وقال الكلبي: يقبض ملك الموت الروح من الجسد ثم يسلمها إلى ملائكة الرحمة إن كان مؤمنا أو إلى ملائكة العذاب إن كان كافرا. ويقال: معه سبعة من ملائكة الرحمة وسبعة من ملائكة العذاب، فإذا قبض نفسا مؤمنة دفعها إلى ملائكة الرحمة فيبشرونها بالثواب ويصعدون بها إلى السماء، إذا قبض نفسا كافرة دفعها إلى ملائكة العذاب فيبشرونها بالعذاب ويفزعونها، ثم يصعدون بها إلى السماء ثم ترد إلى سجين، وروح المؤمن إلى عليين. والتوفي تارة يضاف إلى ملك الموت، كما قال:
" قل يتوفاكم ملك الموت (3) " وتارة إلى الملائكة لأنهم يتولون ذلك، كما في هذه الآية وغيرها.
وتارة إلى الله وهو المتوفي على الحقيقة، كما قال: " الله يتوفى الأنفس حين موتها " (4) " قل الله يحييكم ثم يميتكم " (5) " الذي خلق الموت و (6) الحياة " فكل مأمور من الملائكة فإنما يفعل ما أمر به.
(وهم لا يفرطون) أي لا يضيعون ولا يقصرون، أي يطيعون أمر الله. وأصله من التقدم، كما تقدم. فمعنى فرقدم العجز. وقال أبو عبيدة: لا يتوانون. وقرأ عبيد بن عمير " لا يفرطون " بالتخفيف، أي لا يجاوزون الحد فيما أمروا به الإكرام والإهانة.
(ثم ردوا إلى الله أي ردهم الله بالبعث للحساب. (مولاهم الحق) أي خالقهم ورازقهم وباعثهم ومالكهم. " الحق " بالحفض قراءة الجمهور، على النعت والصفة لاسم الله تعالى.
وقرأ الحسن " الحق " بالنصب على إضمار أعني، أو على المصدر، أي حقا. (ألا له الحكم) أي اعلموا وقولوا: له الحكم وحده يو القيامة، أي القضاء والفصل. (وهو أسرع الحاسبين) أي لا يحتاج إلى فكرة وروية ولا عقد يد. وقد تقدم. (7)