ولذلك قال بعضهم: هو مأخوذ من قول الناس أفتح علي كذا، أي أعطني أو علمني ما أتوصل إليه به. فالله تعالى عنده علم الغيب، وبيده الطرق الموصلة إليه، لا يملكها إلا هو، فمن شاء إطلاعه عليها أطلعه، ومن شاء حجبه عنها حجبه. ولا يكون ذلك من إفاضته إلا على رسله، بدليل قوله تعالى: " وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء " (1) وقال: " عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول ". (2) (الآية) (3) وقيل: المراد بالمفاتح خزائن الرزق، عن السدي والحسن. مقاتل والضحاك:
خزائن الأرض. وهذا مجاز، عبر عنها بما يتوصل إليها به. وقيل: غير هذا مما يتضمنه معنى الحديث أي عنده الآجال ووقت انقضائها. وقيل: عواقب الأعمار وخواتم الأعمال، إلى غير هذا من الأقوال. والأول المختار. والله أعلم.
الثانية - قال علماؤنا: أضاف سبحانه علم الغيب إلى نفسه في غير ما آية من كتابه إلا من اصطفى من عباده. (4) فمن قال: إنه ينزل الغيث غدا وجزم فهو كافر، أخبر عنه بأمارة ادعاها أم لا. وكذلك من قال: إنه يعلم ما في الرحم فهو كافر، فإن لم يجزم وقال: إن النوء (5) ينزل الله به الماء عادة، وأنه سبب الماء عادة، وأنه سبب الماء على ما قدره وسبق في علمه لم يكفر، إلا أنه يستحب له ألا يتكلم به، فإن فيه تشبيها بكلمة أهل الكفر، وجهلا بلطيف حكمته، لأنه ينزل متى شاء، مرة بنوء كذا، ومرة دون النوء، قال الله تعالى: (6) " أصبح من من عبادي مؤمن بي وكافر (بالكوكب) " على ما يأتي بيانه في " الواقعة " (7) إن شاء الله. قال ابن العربي: وكذلك قول الطبيب: إذا كان الثدي الأيمن مسود الحلمة فهو ذكر، وإن كان في الثدي الأيسر فهو أنثى، وإن كانت المرأة تجد الجنب الأيمن أثقل فالولد أنثى، وادعى ذلك عادة لا واجبا في الخلقة لم يكفر ولم يفسق. وأما من ادعى الكسب في مستقبل العمر فهو كافر. أو أخبر عن الكوائن المجملة أو المفصلة في أن تكون قبل ان تكون فلا ريبة