من بطون أمهاتكم حفاة غرلا بهما (1) ليس معهم شئ. وقال العلماء: يحشر العبد غدا وله من الأعضاء ما كان له يوم ولد، فمن قطع منه عضو يرد في القيامة عليه. وهذا معنى قوله:
" غرلا " أي غير مختونين، أي يرد عليهم ما قطع منه عند الختان.
قوله تعالى: (وتركتم ما خولناكم) أي أعطيناكم وملكناكم والخول: ما أعطاه الله للإنسان من العبيد والنعم (2). (وراء ظهوركم) أي خلفكم. (وما نرى معكم شفعاءكم) أي الذين عبدتموهم وجعلتموهم شركاء - يريد الأصنام - أي شركائي. وكان المشركون يقولون الأصنام شركاء الله وشفعاؤنا عنده. (لقد تقطع بينكم) قرأ نافع والكسائي وحفص بالنصب على الظرف، على معنى لقد تقطع وصلكم بينكم. ودل على حذف الوصل قوله " وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم ". فدل هذا على التقاطع والتهاجر بينهم وبين شركائهم: إتبرءوا منهم ولم يكونوا معهم. ومقاطعتهم لهم هو تركهم وصلهم لهم، فحسن إضمار الوصل بعد " تقطع " لدلالة الكلام عليه. وفي حرف ابن مسعود ما يدل على النصب فيه (لقد تقطع ما بينكم) وهذا لا يجوز فيه إلا النصب، لأنك ذكرت المتقطع وهو " ما ". كأنه قال: لقد تقطع الوصل بينكم. وقيل: المعنى لقد تقطع الأمر بينكم. والمعنى متقارب. وقرأ الباقون " بينكم " بالرفع على أنه اسم غير ظرف، فأسند الفعل إليه فرفع. ويقوي جعل " بين " اسما من جهة دخول حرف الجر عليه في قول تعالى: " ومن بيننا وبينك حجاب (3) " و " هذا فراق بيني وبينك (4) ". ويجوز أن تكون قراءة النصب على معنى الرفع، وإنما نصب لكثرة استعماله ظرفا منصوبا وهو في موضع رفع، وهو مذهب الأخفش، فالقراءتان على هذا بمعنى واحد، فاقرأ بأيهما شئت. (وضل عنكم) أي ذهب. (ما كنتم تزعمون) أي تكذبون به في الدنيا.
روي أن الآية نزلت في، النضر بن الحارث وروي أن عائشة رضي الله عنها قرأت قول الله تعالى: " ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة " فقالت: يا رسول الله، وا سوءتاه! إن