وغزا الصواري (1) من أرض الروم سنة أربع وثلاثين، فلما رجع من وفاداته منعه ابن أبي حذيفة من دخول الفسطاط، فمضى إلى عسقلان، فأقام فيها حتى قتل عثمان رضي الله عنه. وقيل:
بل أقام بالرملة حتى مات فارا من الفتنة. ودعا ربه فقال: اللهم أجعل خاتمة عملي صلاة الصبح، فتوضأ ثم صلى فقرأ في الركعة الأولى بأم القرآن والعاديات (2)، وفي الثانية بأم القرآن وسورة، ثم سلم عن يمينه، ثم ذهب يسلم عن يساره فقبض الله روحه. ذكر ذلك كله يزيد بن أبي حبيب وغيره. ولم يبايع لعلي ولا لمعاوية (رضي الله عنهما) (3). وكانت وفاته قبل اجتماع الناس على معاوية. وقيل: إنه توفي بإفريقية. والصحيح أنه توفي بعسقلان سنة ست أو سبع وثلاثين. وقيل: سنة ست وثلاثين. وروى حفص بن عمر عن الحكم بن أبان عن عكرمة أن هذه الآية نزلت في النضر بن الحارث، لأنه عارض القرآن فقال:
والطاحنات طحنا. والعاجنات عجنا. فالخابزات خبزا. فاللاقمات لقما.
قوله تعالى: (ولو ترى إذا الظالمون في غمرات الموت) أي شدائده وسكراته.
والغمرة الشدة، وأصلها الشئ الذي يغمر الأشياء فيغطيها. ومنه غمره (4) الماء. ثم وضعت في معنى الشدائد والمكاره. ومنه غمرات الحرب. قال الجوهري: والغمرة الشدة، والجمع غمر مثل نوبة ونوب. قال القطامي يصف سفينة نوح عليه السلام:
* وحان لتالك الغمر انحسار * وغمرات الموت شدائده (والملائكة باسطوا أيديهم) ابتداء وخبر. والأصل باسطون.
قيل: بالعذاب ومطارق الحديد، عن الحسن والضحاك. وقيل: لقبض أرواحهم، وفي التنزيل: " ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم (5) "