تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ٤٠١
قال: المكاء إدخالهم أصابعهم في أفواههم. والتصدية: الصفير، يريدون أن يشغلوا بذلك محمدا صلى الله عليه وسلم عن الصلاة. قال النحاس: المعروف في اللغة ما روي عن ابن عمر.
حكى أبو عبيد وغيره أنه يقال: مكا يمكو ومكاء إذا صفر. وصدى يصدي تصدية إذا صفق، ومنه قول عمرو بن الإطنابة (1):
وظلوا جميعا لهم ضجة * مكاء لدى البيت بالتصدية أي بالتصفيق. سعيد بن جبير وابن زيد: معنى التصدية صدهم عن البيت، فالأصل على هذا تصدده، فأبدل من أحد الدالين ياء. (ليميز الله الخبيث من الطيب) أي المؤمن من الكافر. وقيل: هو عام في كل شئ، من الأعمال والنفقات وغير ذلك.
قوله تعالى: قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنت الأولين (38) فيه مسائل:
الأولى - قوله تعالى: (قل للذين كفروا) أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول للكفار هذا المعنى، وسواء قال بهذه العبارة أو غيرها. قال ابن عطية: ولو كان كما ذكر الكسائي أنه في مصحف عبد الله بن مسعود " قل للذين كفروا إن تنتهوا يغفر لكم " لما تأدت الرسالة إلا بتلك الألفاظ بعينها، هذا بحسب ما تقتضيه الألفاظ.
الثانية - قوله تعالى: (إن ينتهوا) يريد عن الكفر. قال ابن عطية: ولا بد، والحامل على ذلك جواب الشرط " يغفر لهم ما قد سلف " ومغفرة ما قد سلف لا تكون إلا لمنته عن الكفر. ولقد أحسن القائل أبو سعيد أحمد بن محمد الزبيري:
يستوجب العفو الفتى إذا اعترف * ثم انتهى عما أتاه واقترف لقوله سبحانه في المعترف * إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف

(1) في القاموس وشرحه: " والإطنابة امرأة من بنى كنانة بن القيس بن جسر بن قضاعة، وعمرو ابنها شاعر مشهور، واسم أبيه زيد مناة ".
(٤٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 405 » »»