تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ٤٠٠
بالسيف بعد خروج النبي صلى الله عليه وسلم. وفي ذلك نزلت: " سأل سائل بعذاب واقع (1) " وقال الأخفش: إن " أن " زائدة. قال النحاس: لو كان كما قال لرفع " يعذبهم ".
" ولكن أكثرهم لا يعلمون " أي إن المتقين أولياؤه.
قوله تعالى: وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون (35) إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون (36) ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون (37) قال ابن عباس: كانت قريش تطوف بالبيت عراة، يصفقون ويصفرون، فكان ذلك عبادة في ظنهم والمكاء: الصفير. والتصدية: التصفيق، قاله مجاهد والسدي وابن عمر رضي الله عنهم. ومنه قول عنترة:
وحليل غانية تركت مجدلا * تمكو فريصته كشدق الأعلم (2) أي تصوت. ومنه مكت است الدابة إذا نفخت بالريح. قال السدي: المكاء الصفير، على لحن (3) طائر أبيض بالحجاز يقال له المكاء. قال الشاعر:
إذا غرد المكاء في غير روضة * فويل لأهل الشاء والحمرات قتادة: المكاء ضرب بالأيدي، والتصدية صياح. وعلى التفسيرين ففيه رد على الجهال من الصوفية الذين يرقصون ويصفقون (ويصعقون (4)). وذلك كله منكر يتنزه عن مثله العقلاء، ويتشبه فاعله بالمشركين فيما كانوا يفعلونه عند البيت. وروى ابن جريج وابن أبي نجيح عن مجاهد أنه

(1) راجع ج 18 ص 278.
(2) الحليل: الزوج. ويروى: وخليل بالخاء المعجمة. الفريصة:
الموضع الذي يرعد من الدابة والإنسان إذا خاف. والأعلم: المشقوق الشفة العليا.
(3) من ج وه‍ وك وز وى. وفى ب: نحو.
(4) من ب وج‍ وه‍ وز ك وى.
(٤٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 405 » »»