تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ٣٩٥
جبريل عليهما السلام، فقلت: هذا دحية يا رسول الله؟ فقال: " هذا جبريل عليه السلام ".
قال: " يا رسول الله ما يمنعك من بني قريظة أن تأتيهم)؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" فكيف لي بحصنهم " فقال جبريل: " فإني أدخل فرسي هذا عليهم ". فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا معروري (1)، فلما رآه علي رضي الله عنه قال: يا رسول الله، لا عليك ألا تأتيهم، فإنهم يشتمونك. فقال: " كلا إنها ستكون تحية ". فأتاهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا إخوة القردة والخنازير) فقالوا: يا أبا القاسم، ما كنت فحاشا! فقالوا: لا ننزل على حكم محمد، ولكنا ننزل على حكم سعد بن معاذ، فنزل. فحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بذلك طرقني الملك سحرا ". فنزل فيهم " يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون ". نزلت في أبي لبابة، أشار إلى بني قريظة حين قالوا: ننزل على حكم سعد بن معاذ، لا تفعلوا فإنه الذبح، وأشار إلى حلقه. وقيل: نزلت الآية في أنهم يسمعون الشئ من النبي صلى الله عليه وسلم فيلقونه إلى المشركين ويفشونه. وقيل: المعنى بغلول الغنائم. ونسبتها إلى الله، لأنه هو (2) الذي أمر بقسمتها. وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه المؤدي عن الله عز وجل والقيم بها. والخيانة: الغدر وإخفاء الشئ، ومنه: (يعلم خائنة الأعين (3)) وكان عليه السلام يقول: (اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع ومن الخيانة فإنها بئست البطانة).
خرجه النسائي عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، فذكره.
(وتخونوا أماناتكم) في موضع جزم، نسقا على الأول. وقد يكون على الجواب، كما يقال:
لا تأكل السمك وتشرب اللبن. والأمانات: الأعمال التي ائتمن الله عليها العباد. وسميت أمانة لأنها يؤمن معها من منع الحق، مأخوذ من الأمن. وقد تقدم في " النساء " القول في أداء الأمانات والودائع (4) وغير ذلك. (وأنتم تعلمون) أي ما في الخيانة من القبح والعار.
وقيل: تعلمون أنها أمانة.

(1) عريانا.
(2) من ج.
(3) راجع ج 15 ص 301 فما بعد.
(4) راجع ج 5 ص 255.
(٣٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 390 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 ... » »»