تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ٣٧٨
قوله تعالى: (إذ يوحى ربك إلى الملائكة أنى معكم) العامل في " إذ، يثبت " أي يثبت به الأقدام ذلك الوقت. وقيل: العامل " ليربط " أي وليربط إذ يوحي. وقد يكون التقدير: أذكر " إذ يوحى ربك إلى الملائكة أني معكم " في موضع نصب، والمعنى:
بأني معكم، أي بالنصر والمعونة. " معكم " بفتح العين ظرف، ومن أسكنها فهي عنده حرف. (فثبتوا الذين آمنوا) أي بشروهم بالنصر أو القتال معهم أو الحضور معهم من غير قتال، فكان الملك يسير أمام الصف في، صورة الرجل ويقول: سيروا فإن الله ناصركم.
ويظن المسلمون أنه منهم، وقد تقدم في " آل (1) عمران " أن الملائكة قاتلت ذلك اليوم.
فكانوا يرون رؤوسا تندر (2) عن الأعناق من غير ضارب يرونه. وسمع بعضهم قائلا يسمع قوله ولا يرى شخصه: أقدم حيزوم (3). وقيل: كان هذا التثبيت ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم للمؤمنين نزول الملائكة مددا.
قوله تعالى: (سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب) تقدم في آل عمران بيانه.
(فاضربوا فوق الأعناق) هذا أم للملائكة. وقيل: للمؤمنين، أي اضربوا الأعناق، و " فوق " زائدة، قاله الأخفش والضحاك وعطية. وقد روى المسعودي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني لم أبعث لأعذب بعذاب الله وإنما بعثت بضرب الرقاب وشد الوثاق). وقال محمد بن يزيد: هذا خطأ، لأن " فوق " تفيد معنى فلا يجوز زيادتها، ولكن المعنى أنهم أبيح لهم ضرب الوجوه وما قرب منها. وقال ابن عباس: كل هام وجمجمة. وقيل: أي ما فوق الأعناق، وهو الرؤوس، قال عكرمة. والضرب على الرأس أبلغ، لأن أدنى شئ يؤثر في الدماغ. وقد مضى شئ من هذا المعنى في " النساء " وأن " فوق " ليست بزائدة، عند قوله: " فوق اثنتين (4) ". واضربوا منهم كل بنان قال الزجاج: واحد البنان بنانة، وهي هنا الأصابع وغيرها من الأعضاء. والبنان مشتق من

(1) راجع ج 4 ص 190، ص 232.
(2) ندر: سقط.
(3) حيزوم: أم فرس من خيل الملائكة.
(4) راجع ج 5 ص 63.
(٣٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 ... » »»