تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ٣٦٧
الثالثة - قوله تعالى: (وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا) أي تصديقا. فإن إيمان هذه الساعة زيادة على إيمان أمس، فمن صدق ثانيا وثالثا فهو زيادة تصديق بالنسبة إلى ما تقدم. وقيل: هو زيادة انشراح الصدر بكثرة الآيات والأدلة، وقد مضى هذا المعنى " في آل عمران (1) ". (وعلى ربهم يتوكلون) تقدم معنى التوكل في " آل عمران (1) " أيضا.
(الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون) تقدم في أول سورة " البقرة (2) ". (أولئك هم المؤمنون حقا) أي الذي استوى في الإيمان ظاهرهم وباطنهم. ودل هذا على أن لكل حق حقيقة، وقد قال عليه السلام لحارثة: " إن لكل حق حقيقة فما حقيقة إيمانك "؟ الحديث.
وسأل رجل الحسن فقال: يا أبا سعيد، أمؤمن أنت؟ فقال له: الإيمان إيمانان، فإن كنت تسألني عن الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والجنة والنار والبعث والحساب فأنا به مؤمن. وإن كنت تسألني عن قول الله تبارك وتعالى: " إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم - إلى قوله - أولئك هم المؤمنون حقا " فوالله ما أدري أنا منهم أم لا. وقال أبو بكر الواسطي: من قال أنا مؤمن بالله حقا، قيل له: الحقيقة تشير إلى إشراف واطلاع وإحاطة، فمن فقده بطل دعواه فيها. يريد بذلك ما قاله أهل السنة: إن المؤمن الحقيقي من كان محكوما له بالجنة، فمن لم يعلم ذلك من سر حكمته تعالى فدعواه بأنه مؤمن حقا غير صحيح.
قوله تعالى: كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون قوله تعالى: (كما أخرجك ربك من بيتك بالحق) قال الزجاج: الكاف في موضع نصب، أي الأنفال ثابتة لك كما أخرجك ربك من بيتك بالحق. أي مثل إخراجك ربك من بيتك بالحق. والمعنى: امض لأمرك في الغنائم ونفل من شئت وإن كرهوا، لأن بعض

(1) راجع ج 4 ص 280 و 189.
(2) راجع ج 1 ص 164.
(٣٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 ... » »»