تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ٣٧١
الكفار. فمردفين بفتح الدال نعت لألف. وقيل: هو حال من الضمير المنصوب في " ممدكم ". أي ممدكم في حال إردافكم بألف من الملائكة، وهذا مذهب مجاهد.
وحكى أبو عبيدة أن ردفني وأردفني واحد. وأنكر أبو عبيد أن يكون أردف بمعنى ردف، قال لقول الله عز وجل: " تتبعها الرادفة (1) " ولم يقل المردفة. قال النحاس ومكي وغيرهما:
وقراءة كسر الدال أولى، لأن أهل التأويل على هذه القراءة يفسرون. أي أردف بعضهم بعضا، ولأن فيها معنى الفتح على ما حكى أبو عبيدة، ولأن عليه أكثر القراء. قال سيبويه:
وقرأ بعضهم " مردفين " بفتح الراء وشد الدال. وبعضهم " مردفين " بكسر الراء. وبعضهم " مردفين " بضم الراء. والدال مكسورة مشددة في القراءات الثلاث. فالقراءة الأولى تقديرها عند سيبويه مرتدفين، ثم أدغم التاء في الدال، وألقى حركتها على الراء لئلا يلتقي ساكنان. والثانية كسرت فيها الراء لالتقاء الساكنين. وضمت الراء في الثالثة اتباعا لضمة الميم، كما تقول: (رد ورد (2) ورد) يا هذا. وقرأ جعفر بن محمد وعاصم الجحدري: " بآلف " جمع ألف، مثل فلس وأفلس. وعنهما أيضا " بألف ". وقد مضى في " آل عمران " ذكر نزول الملائكة وسيماهم وقتالهم. وتقدم فيها القول في معنى قوله: " وما جعله الله إلا بشرى (3) " . والمراد الإمداد. ويجوز أن يكون الإرداف. (وما النصر إلا من عند الله) نبه على أن النصر من عنده جل وعز لا من الملائكة، أي لولا نصره لما انتفع بكثرة العدد بالملائكة.
والنصر من عند الله يكون بالسيف ويكون بالحجة.
قوله تعالى: إذ يغشيكم النعاس أمنه منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام (11) قوله تعالى: (إذ (4) يغشيكم النعاس) مفعولان. وهي قراءة أهل المدينة، وهي حسنة لإضافة الفعل إلى الله عز وجل لتقدم ذكره في قوله: " وما النصر إلا من عند الله ".

(1) راجع ج 19 ص 193.
(2) من ك، ه، ج.
(3) راجع ج 4 ص 190 وص 198.
(4) هي قراءة نافع.
(٣٧١)
مفاتيح البحث: جعفر بن محمد (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 ... » »»