تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ٣٦١
المقدار. ويقولونها بالضم والفتح: فواق وفواق. وكان هذا قبل أن ينزل: " واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه " الآية. وكأن المعنى عند العلماء: أي إلى الله وإلى الرسول الحكم فيها والعمل بها بما يقرب من الله تعالى. وذكر محمد بن إسحاق قال: حدثني عبد الرحمن بن الحارث وغيره من أصحابنا عن سليمان بن موسى الأشدق عن مكحول عن أبي أمامة الباهلي قال: سألت عبادة بن الصامت عن الأنفال فقال: فينا معشر أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا في النفل، وساءت فيه أخلاقنا، فنزعه الله من أيدينا وجعله إلى الرسول، فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بواء. يقول: على السواء. فكان ذلك تقوى الله وطاعة رسوله وصلاح ذات البين وروي في الصحيح عن سعد بن أبي وقاص قال: اغتنم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غنيمة عظيمة، فإذا فيها سيف، فأخذته فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: نفلني هذا السيف، فأنا من قد علمت حاله. قال: " رده من حيث أخذته " فانطلقت حتى أردت أن ألقيه في القبض (1) لامتني نفسي فرجعت إليه فقلت: أعطنيه.
قال: فشد لي صوته (رده من حيث أخذته) فانطلقت حتى أردت أن ألقيه في القبض لامتني نفسي فرجعت إليه فقلت: أعطنيه، قال: فشد لي صوته " رده من حيث أخذته " فأنزل الله " يسألونك عن الأنفال ". لفظ مسلم. والروايات كثيرة، وفيما ذكرناه كفاية، والله الموفق للهداية.
الثانية: الأنفال واحدها نفل بتحريك الفاء، قال (2):
إن تقوى ربنا خير نفل * وبإذن الله ريثي والعجل أي خير غنيمة. والنفل: اليمين، ومنه الحديث " فتبرئكم يهود بنفل خمسين منهم ". والنفل الانتفاء، ومنه الحديث " فانتفل من ولدها ". والنفل: نبت معروف. والنفل: الزيادة على الواجب، وهو التطوع. وولد الولد نافلة، لأنه زيادة على الولد. والغنيمة نافلة، لأنها

(1) القبض بالتحريك بمعنى المقبوض، وهو ما جمع من الغنيمة قبل أن تقسم.
(2) القائل هو ليد، كما اللسان (مادة النقل).
(٣٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 ... » »»