تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ٢٩٧
قوله تعالى: الذين يتبعون الرسول الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التورية والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون (157) فيه عشر مسائل: الأولى - روى يحيى بن أبي كثير عن نوف البكالي الحميري: لما اختار موسى قومه سبعين رجلا لميقات ربه قال الله تعالى لموسى: أن أجعل لكم الأرض مسجدا وطهورا تصلون حيث أدركتكم الصلاة إلا عند مرحاض أو حمام أو قبر، وأجعل السكينة في قلوبكم، وأجعلكم تقرءون التوراة عن ظهر قلوبكم، يقرأها الرجل منكم والمرأة والحر والعبد والصغير والكبير. فقال ذلك موسى لقومه، فقالوا: لا نريد أن نصلي إلا في الكنائس، ولا نستطيع حمل السكينة في قلوبنا، ونريد أن تكون كما كانت في التابوت، ولا نستطيع أن نقرأ التوراة عن ظهر قلوبنا، ونريد أن نقرأها إلا نظرا. فقال الله تعالى: " فسأكتبها للذين يتقون - إلى قوله - المفلحون ". فجعلها لهذه الأمة. فقال موسى: يا رب، اجعلني نبيهم.
فقال: نبيهم منهم. قال: رب اجعلني (1) منهم. قال: إنك لن تدركهم. فقال موسى:
يا رب، أتيتك بوفد بني إسرائيل، فجعلت وفادتنا لغيرنا. فأنزل الله عز وجل: " ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون (2) ". فرضي موسى. قال نوف: فاحمدوا الله الذي جعل وفادة بني إسرائيل لكم. وذكر أبو نعيم أيضا هذه القصة من حديث الأوزاعي قال: حدثنا يحيى بن أبي عمرو السيباني (3) قال حدثني نوف البكالي (4) إذا افتتح موعظة قال: ألا تحمدون ربكم الذي حفظ غيبتكم وأخذ لكم بعد سهمكم وجعل وفادة القوم لكم. وذلك أن موسى عليه السلام

(1) في ج: أخرني حتى تجعلني منهم.
(2) راجع ص 302 من هذا الجزء.
(3) السيباني في التقريب: بفتح المهملة وسكون التحتانية بعدها موحدة، وسيبان بطن من حمير. التهذيب.
(4) في ج وز وك وى: قال كان أبو عمرو البكالي إذا افتتح. الخ وأبو عمرو كنية نوف ولعله يحدث عن نفسه.
(٢٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 ... » »»