تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ٢٩٤
بما فعل السفهاء منا إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدى من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين (155) قوله تعالى: (واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا) مفعولان، أحدهما حذفت منه من، وأنشد سيبويه:
منا الذي اختير الرجال سماحة * وبرا إذا هب الرياح الزعازع (1) وقال الراعي يمدح رجلا:
اخترتك الناس إذ رثت خلائقهم * واختل (2) من كان يرجى عنده السول يريد: اخترتك من الناس. وأصل اختار اختير، فلما تحركت الياء وقبلها فتحة قلبت ألفا، نحو قال وباع. قوله تعالى: (فلما أخذتهم الرجفة) أي ماتوا. والرجفة في اللغة الزلزلة الشديدة.
ويروى أنهم زلزلوا حتى ماتوا.
قوله تعالى: (قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي) أي أمتهم، كما قال عز وجل: " إن امرؤ هلك (3) ". " وإياي " عطف. والمعنى: لو شئت أمتنا من قبل أن نخرج إلى الميقات بمحضر بني إسرائيل حتى لا يتهموني. أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا يحيى بن سعيد القطان عن سفيان عن أبي إسحاق عن عمارة بن عبد عن علي رضي الله عنه قال:
انطلق موسى وهارون صلى الله عليهما وانطلق شبر وشبير - هما ابنا هارون - فانتهوا إلى جبل فيه سرير، فقام عليه هارون فقبض روحه. فرجع موسى إلى قومه، فقالوا: أنت قتلته، حسدتنا (4) على لينه وعلى خلقه، أو كلمة نحوها، الشك من سفيان، فقال: كيف أقتله ومعي ابناه! قال: فاختاروا من شئتم، فاختاروا من كل سبط عشرة. قال: فذلك قوله: " واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا " فانتهوا إليه، فقالوا: من قتلك يا هارون؟ قال: ما قتلني

(1) البيت للفرزدق، كما في شواهد سيبويه. في ديوانه: وخيرا.
(2) اختل: افتقر.
(3) راجع ج 6 ص 28.
(4) في ك: حسدا.
(٢٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 ... » »»