تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ٢٩
قوله تعالى: (وحاجه قومه) دليل على الحجاج والجدال؟ حاجوه في توحيد الله.
(قال أتحاجوني في الله) قرأ نافع بتخفيف النون، وشدد النون الباقون. وفيه عن ابن عامر من رواية هشام عنه خلاف، فمن شدد قال: الأصل فيه نونان، الأولى علامة الرفع والثانية فاصلة بين الفعل والياء، فلما اجتمع مثلان في فعل وذلك ثقيل أدغم النون في الأخرى فوقع التشديد ولا بد من مد الواو لئلا يلتقي الساكنان، الواو وأول المشدد، فصارت المدة فاصلة بين الساكنين. ومن خفف حذف النون الثانية استخفافا لاجتماع المثلين، ولم تحذف الأولى لأنها علامة الرفع، فلو حذفت لاشتبه المرفوع بالمجزوم والمنصوب. وحكي عن أبي عمرو ابن العلاء أن هذه القراءة لحن. وأجاز سيبويه ذلك فقال: استثقلوا التضعيف. وأنشد:
تراه كالثغام يعل مسكا * يسوء الفاليات إذا فليني (1) قوله تعالى: (ولا أخاف ما تشركون به) أي لأنه لا ينفع ولا يضر - وكانوا خوفوه بكثرة آلهتهم - إلا أن يحييه (الله) (2) ويقدره فيخاف ضرره حينئذ، وهو معنى قوله:
(إلا أن يشاء ربى شيئا) أي إلا أن يشاء أن يلحقني شئ من المكروه بذنب عملته فتتم مشيئته. وهذا استثناء ليس من الأول. والهاء في " به " يحتمل أن تكون لله عز وجل، ويجوز أن تكون للمعبود. وقال: " إلا أن يشاء ربي " يعني أن الله تعالى لا يشاء أن أخافهم. ثم قال: (وسع ربى كل شئ علما) أي وسع علمه كل شئ. وقد تقدم (3). قوله تعالى: وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطنا فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون (81) الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون (82)

(1) البيت لعمرو بن معد يكرب، وصف شعره وأن الشيب قد شمله. والثغام: نبت له نور أبيض يشبه به الشيب ويعل: يطيب شيئا بعد شئ والعلل: الشرب بعد الشرب.
(2) من ك.
(3) راجع ج 2 ص 84.
(٢٩)
مفاتيح البحث: الكراهية، المكروه (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»