تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ٢٧٣
قوله تعالى: وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون (138) قوله تعالى: (وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم) قرأ حمزة والكسائي بكسر الكاف، والباقون بضمها. يقال: عكف يعكف ويعكف بمعنى أقام على الشئ ولزمه. والمصدر منهما على فعول. قال قتادة: كان أولئك القوم من لخم، وكانوا نزولا بالرقة وقيل: كانت أصنامهم تماثيل بقر، ولهذا أخرج لهم السامري عجلا. (قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة) نظيره قول جهال الأعراب وقد رأوا شجرة خضراء للكفار تسمى ذات أنواط (1) يعظمونها في كل سنة يوما: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط. فقال عليه الصلاة والسلام: (الله أكبر. قلتم والذي نفسي بيده كما قال قوم موسى " اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون " لتركبن سنن في قبلكم حذو القذة (2) بالقذة حتى إنهم لو دخلوا حجر ضب لدخلتموه). وكان هذا في مخرجه إلى حنين، على ما يأتي بيانه في " براءة (3) " إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى: إن هؤلاء متبر ما هم فيه وبطل ما كانوا يعلمون (139) قال أغير الله أبغيكم إلها وهو فضلكم على العلمين (140) قوله تعالى: (إن هؤلاء متبر ما هم فيه) أي مهلك، والتبار: الهلاك. وكل إناء مكسر متبر. وأمر متبر. أي إن العابد والمعبود مهلكان. وقوله: (وباطل) أي ذاهب

(1) ينوطون بها سلاحهم، أي يعلقونه.
(2) القذه ريش الهم. قال ابن الأثير: يضرب مثلا للشيئين يستويان ولا يتفاوتان. (3) راجع ج 8 ص 97.
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»