تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ٢٧٢
على أنفسهم. (فانتقمناه منهم فأغرقناهم في اليم بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين) واليم البحر. " وكانوا عنها " أي النقمة. دل عليها " فانتقمنا ". وقيل: عن الآيات أي لم يعتبروا بها حتى صاروا كالغافلين عنها.
قوله تعالى: وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشرق الأرض ومغربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون (137) قوله تعالى: (وأورثناه القوم) يريد بني إسرائيل. (الذين كانوا يستضعفون) أي يستذلون بالخدمة. (مشارق الأرض ومغاربها) زعم الكسائي والفراء أن الأصل " في مشارق الأرض ومغاربها " ثم حذف " في " فنصب. والظاهر أنهم ورثوا أرض القبط. فهما نصب على المفعول الصريح، يقال: ورثت المال وأورثته المال، فلما تعدى الفعل بالهمزة نصب مفعولين. والأرض هي أرض الشأم ومصر. ومشارقها ومغاربها جهات الشرق والغرب بها، فالأرض مخصوصة، عن الحسن وقتادة وغيرهما. وقيل: أراد جميع الأرض، لأن بن بني إسرائيل داود وسليمان وقد ملكا الأرض. (التي باركنا فيها) أي بإخراج الزروع والثمار والأنهار. (وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل) هي قوله: " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين (1) ". (بما صبروا) أي بصبرهم على أذى فرعون، وعلى أمر الله بعد أن آمنوا بموسى. (ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون) يقال: عرش يعرش إذا بنى. قال ابن عباس ومجاهد:
أي ما كانوا يبنون من القصور وغيرها. وقال الحسن: هو تعريش الكرم. وقرأ ابن عامر وأبو بكر عن عاصم " يعرشون " بضم الراء. قال الكسائي: هي لغة تميم. وقرأ إبراهيم بن أبي عبلة " يعرشون " بتشديد الراء وضم الياء.

(1) راجع ج 13 ص 247.
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»