تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ٢٥٢
غنيت بالمكان إذا أقمت به. وغني القوم في دارهم أي طال مقامهم فيها. والمغنى: المنزل، والجمع المغاني. قال لبيد:
وعنيت ستا قبل مجرى داحس * لو كان للنفس اللجوج خلود وقال حاتم طي:
غنينا زمانا بالتصعلك والغنى * (كما الدهر في أيامه العسر واليسر (1)) (كسبنا صروف الدهر لينا وغلظة (1)) * وكلا سقاناه بكأسهما الدهر فما زادنا بغيا على ذي قرابة * غنانا ولا أزرى بأحسابنا الفقر (الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين) ابتداء خطاب، وهو مبالغة في الذم والتوبيخ وإعادة لتعظيم الأم وتفخيمه. ولما قالوا: من اتبع شعيبا خاسر قال الله الخاسرون هم الذين قالوا هذا القول. (فكيف آسى على قوم كافرين) أي أحزن. أسيت على الشئ آسى (أسى (2))، وأنا آس.
قوله تعالى: وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون (94) ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون (95) قوله تعالى: (وما أرسلنا في قرية من نبي) فيه إضمار، وهو فكذب أهلها.
إلا أخذناهم. (بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون) تقدم القول فيه (3). (ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة) أي أبدلناهم بالجدب خصبا. حتى عفوا أي كثروا، عن ابن عباس.
وقال ابن زيد: كثرت أموالهم وأولادهم. وعفا: من الأضداد: عفا: كثر. وعفا:
درس. أعلم الله تعالى أنه أخذهم بالشدة والرخاء فلم يزدجروا ولم يشكروا. وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء فنحن مثلهم. فأخذناهم بغتة أي فجأة ليكون أكثر حسرة.

(1) التكملة عن ديوان حاتم.
(2) من ب وج‍ وك.
(3) راجع ج 2 ص 243.
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»