تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ٢٤٤
وبقي أمر العقوبة على الفاعلين مستمرا. والله أعلم. وقد روى أبو داود وابن ماجة والترمذي والنسائي والدارقطني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به). لفظ أبي داود وابن ماجة. وعند الترمذي (أحصنا أو لم يحصنا). وروى أبو داود والدارقطني عن ابن عباس في البكر يوجد على اللوطية قال:
يرجم. وقد روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه حرق رجلا يسمى الفجاءة حين عمل عمل قوم لوط بالنار. وهو رأي علي بن أبي طالب، فإنه لما كتب خالد بن الوليد إلى أبي بكر في ذلك جمع أبو بكر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم واستشارهم فيه، فقال علي: إن هذا الذنب لم تعص به أمة من الأمم إلا أمة واحدة صنع الله بها ما علمتم، أرى أن يحرق بالنار.
فاجتمع رأي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحرق بالنار. فكتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد أن يحرقه بالنار فأحرقه. ثم أحرقهم ابن الزبير في زمانه. ثم أحرقهم هشام بن الوليد.
ثم أحرقهم خالد القسري بالعراق. وروي أن سبعة أخذوا في زمن ابن الزبير في لواط، فسأل عنهم فوجد أربعة قد أحصنوا فأمر بهم فخرجوا (بهم (1)) من الحرم فرجموا بالحجارة حتى ماتوا، وحد الثلاثة، وعنده ابن عباس وابن عمر فلم ينكرا عليه. وإلى هذا ذهب الشافعي. قال ابن العربي: والذي صار إليه مالك أحق، فهو أصح سندا وأقوى معتمدا. وتعلق الحنفيون بأن قالوا: عقوبة الزنى معلومة، فلما كانت هذه المعصية غيرها وجب ألا يشاركها في حدها.
ويأثرون (2) في هذا حديثا: (من وضع حدا في غير حد فقد تعدى وظلم). وأيضا فإنه وطء في فرج لا يتعلق به إحلال ولا إحصان، ولا وجوب مهر ولا ثبوت نسب، فلم يتعلق به حد.
الثالثة - فإن أتى بهيمة فقد قيل: لا يقتل هو ولا البهيمة. وقيل: يقتلان، حكاه ابن المنذر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن. وفي الباب حديث رواه أبو داود والدارقطني عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة معه). فقلنا لابن عباس: ما شأن البهيمة؟ قال: ما أراه قال ذلك، إلا أنه كره أن يؤكل لحمها وقد عمل بها ذلك العمل. قال ابن المنذر: إن يك الحديث ثابتا فالقول (3) به

(1) كذا في ب وج‍ وك. وفى ز: فأخرجوا بهم.
(2) في ز: يرون.
(3) في ج وز: فالعمل.
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»