تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ٢٠٢
قوله تعالى: (ولكل أمة أجل) أي وقت مؤقت. (فإذا جاء أجلهم) أي الوقت المعلوم عند الله عز وجل. وقرأ ابن سيرين " جاء آجالهم " بالجمع لا يستأخرون عنه ساعة ولا أقل من ساعة، إلا أن الساعة خصت بالذكر لأنها أقل أسماء الأوقات، وهي ظرف زمان. ولا يستقدمون فدل بهذا على أن المقتول إنما يقتل بأجله. وأجل الموت هو وقت الموت، كما أن أجل الدين هو وقت حلوله. وكل شئ وقت به شئ فهو أجل له. وأجل الإنسان هو الوقت الذي يعلم الله أنه يموت (1) الحي فيه لا محالة وهو وقت لا يجوز تأخير موته عنه، لامن حيث إنه ليس مقدورا تأخيره. وقال كثير من المعتزلة إلا من شذ منهم:
إن المقتول مات بغير أجله الذي ضرب له، وإنه لو لم يقتل لحيي. وهذا غلط، لأن المقتول لم يمت من أجل قتل غيره له، بل من أجل ما فعله الله من إزهاق نفسه عند الضرب له.
فإن قيل: فإن مات بأجله فلم تقتلون ضاربه وتقتصون منه؟. قيل له: نقتله لتعديه وتصرفه فيما ليس له أن يتصرف فيه، لا لموته وخروج الروح إذ ليس ذلك من فعله. ولو ترك الناس والتعدي من غير قصاص لأدى ذلك إلى الفساد ودمار العباد. وهذا واضح. قوله تعالى: يا بني ادم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها أولئك أصحب النار هم فيها خلدون قوله تعالى: (يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم) شرط. ودخلت النون توكيدا لدخول " ما ". وقيل: ما صلة، أي إن يأتكم. أخبر أنه يرسل إليهم الرسل منهم لتكون إجابتهم أقرب. والقصص اتباع الحديث بعضه بعضا.
(آياتي) أي فرائضي وأحكامي.
فمن اتقى وأصلح شرط، وما بعده جوابه، وهو جواب الأول. أي وأصلح منكم ما بيني وبينه. فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون دليل على أن المؤمنين يوم القيامة لا يخافون ولا يحزنون، ولا يلحقهم رعب ولا فزع. وقيل: قد يلحقهم أهوال يوم القيامة، ولكن

(1) في ك: يميت.
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»