تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ١٠٣
ما عليه مالك وأصحابه، لا زكاة عندهم لا في اللوز ولا في الجوز ولا في الجلوز (1) وما كان مثلها، وإن كان ذلك يدخر. كما أنه لا زكاة عندهم في الإجاص (2) ولا في التفاح ولا في الكمثرى، ولا ما كان مثل ذلك كله مما لا ييبس ولا يدخر. واختلفوا في التين، والأشهر عند أهل المغرب ممن يذهب مذهب مالك أنه لا زكاة عندهم في التين. إلا عبد الملك بن حبيب فإنه كان يرى فيه الزكاة على مذهب مالك، قياسا على التمر والزبيب. وإلى هذا ذهب جماعة من أهل العلم البغداديين المالكيين، إسماعيل بن إسحاق ومن اتبعه. قال مالك في الموطأ:
السنة التي لا اختلاف فيها عندنا، والذي سمعته من أهل العلم، أنه ليس في شئ من الفواكه كلها صدقة: الرمان والفرسك والتين وما أشبه ذلك. وما لم يشبهه إذا كان من الفواكه.
قال أبو عمر: فأدخل التين في هذا الباب، وأظنه (والله أعلم) لم يعلم بأنه ييبس ويدخر ويقتات، ولو علم ذلك ما أدخله في هذا الباب، لأنه أشبه بالتمر والزبيب منه بالرمان.
وقد بلغني عن الأبهري وجماعة من أصحابه أنهم كانوا يفتون بالزكاة فيه، ويرونه مذهب مالك على أصوله عندهم. والتين مكيل يراعى فيه الخمسة الأوسق وما كان مثلها وزنا، ويحكم في التين عندهم بحكم التمر والزبيب المجتمع عليهما. وقال الشافعي: لا زكاة في شئ من الثمار غير التمر والعنب، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الصدقة منهما وكانا قوتا بالحجاز يدخر. قال: وقد يدخر الجوز واللوز ولا زكاة فيهما، لأنهما لم يكونا بالحجاز قوتا فيما علمت، وإنما كانا فاكهة. ولا زكاة في الزيتون، لقول تعالى: " والزيتون والرمان " فقرنه مع الرمان، ولا زكاة فيه. وأيضا فإن التين أنفع منه في القوت ولا زكاة فيه. وللشافعي قول بزكاة الزيتون قاله بالعراق، والأول (3) قال بمصر، فاضطرب قول الشافعي في الزيتون، ولم يختلف فيه قول مالك.
فدل على أن الآية محكمة عندهما غير منسوخة. واتفقا (4) جميعا على أن لا زكاة في الرمان، وكان يلزمهما إيجاب الزكاة فيه. قال أبو عمر: فإن كان الرمان خرج باتفاق فقد بان بذلك المراد بأن الآية ليست على عمومها، وكان الضمير عائدا على بعض المذكور دون بعض. والله أعلم.

(1) الجلوز: البندق.
(2) الإجاص: شجر معروف واحدته إجاصة. ثمره حلو لذيذ.
(3) في ك: والأولى ما قاله بمصر.
(4) في ك: والفقهاء جميعا.
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»