تفسير الرازي - الرازي - ج ١ - الصفحة ٩٩
قلت: وههنا مسائل كثيرة متعلقة بالباء.
(أ) قال أبو حنيفة: الثمن إنما يتميز عن المثمن بدخول حرف الباء عليه، فإذا قال: بعت كذا بكذا، فالذي دخل عليه الباء هو الثمن فقط، وعلى هذا الفرق بنى مسألة البيع الفاسد فإنه قال: إذا قال: بعت هذا الكرباس بمن من الخمر صح البيع وانعقد فاسدا، وإذا قال بعت هذا الخمر بهذا الكرباس لم يصح، والفرق أن في الصورة الأولى الخمر ثمن، وفي الصورة الثانية الخمر مثمن، وجعل الخمر ثمنا جائز أما جعله مثمنا فإنه لا يجوز.
(ب) قال الشافعي: إذا قال بعت منك هذا الثوب بهذا الدرهم تعين ذلك الدرهم، وعند أبي حنيفة لا يتعين.
(ج) قال الله تعالى: * (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة) * (التوبة: 111) فجعل الجنة ثمنا للنفس والمال.
ومن أصول الفقه مسائل: (أ) الباء تدل على السببية قال الله تعالى: * (ذلك بأنهم شاقوا الله) * (الأنفال: 13) ههنا الباء دلت على السببية، وقيل: إنه لا يصح لأنه لا يجوز إدخال لفظ الباء على السبب فيقال ثبت هذا الحكم بهذا السبب.
(ب) إذا قلنا الباء تفيد السببية فيما الفرق بين باء السببية وبين لام السببية، لا بد من بيانه.
(ج) الباء في قوله: " سبحانك اللهم وبحمدك " لا بد من البحث عنه فإنه لا يدري أن هذه الباء بماذا تتعلق، وكذلك البحث عن قوله: * (ونحن نسبح بحمدك) * (البقرة: 30) فإنه يجب البحث عن هذه الباء.
(د) قيل: كل العلوم مندرج في الكتب الأربعة، وعلومها في القرآن، وعلوم القرآن في الفاتحة، وعلوم الفاتحة في (بسم الله الرحمن الرحيم) وعلومها في الباء من بسم الله (قلت) لأن المقصود من كل العلوم وصول العبد إلى الرب، وهذا الباء باء الإلصاق فهو يلصق العبد بالرب، فهو كمال المقصود.
النوع الثالث من مباحث هذه الباب، مباحث حروف الجر.
فإن هذه الكلمة اشتملت على نوعين منها: أحدهما: الباء؛ وثانيهما: لفظ " من " فنقول: في لفظ " من " مباحث: - (أ) أنك تقول: " أخذت المال من ابنك " فتكسر النون ثم تقول: " أخذت المال من الرجل " فتفتح النون، فههنا اختلف آخر هذه الكلمة، وإذا اختلفت الأحوال دلت على اختصاص كل حالة بهذه الحركة، فههنا اختلف آخر هذه الكلمة باختلاف العوامل، فإنه لا
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»