تفسير الرازي - الرازي - ج ١ - الصفحة ٢٨٧
النكتة الرابعة: أنواع القبلة خمسة: بيت المقدس، والكعبة، والبيت المعمور، والعرش وحضرة جلال الله: فوزع هذه الأسماء الخمسة على الأنواع الخمسة من القبلة.
النكتة الخامسة: الحواس خمس: أدب البصر بقوله: * (فاعتبروا يا أولى الأبصار) * (الحشر: 2) والسمع بقوله: * (الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه) * (الزمر: 18) والذوق بقوله: * (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا) * (المؤمنون: 51) والشم بقوله: * (إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون) * (يوسف: 94) واللمس بقوله: * (والذين هم لفروجهم حافظون) * (المعارج: 29، المؤمنون: 5) فاستعن بأنوار هذه الأسماء الخمسة على دفع مضار هذه الأعداء الخمسة.
النكتة السادسة: اعلم أن الشطر الأول: من الفاتحة مشتمل على الأسماء الخمسة فتفيض الأنوار على الأسرار، والشطر الثاني: منها مشتمل على الصفات الخمسة لعبد فتصعد منها أسرار إلى مصاعد تلك الأنوار، وبسبب هاتين الحالتين يحصل للعبد معراج في صلاته: فالأول: هو النزول، والثاني: هو الصعود، والحد المشترك بين القسمين هو الحد الفاصل بين قوله: * (مالك يوم الدين) * وبين قوله: * (إياك نعبد) * وتقرير هذا الكلام أن حاجة العبد إما في طلب الدنيا وهو قسمان: إما دفع الضرر، أو جلب النفع، وإما في طلب الآخرة، وهو أيضا قسمان: دفع الضرر وهو الهرب من النار؛ وطلب الخير وهو طلب الجنة، فالمجموع أربعة، والقسم الخامس - وهو الأشرف - طلب خدمة الله وطاعته وعبوديته لما هو هو لا لأجل رغبة ولا لأجل رهبة، فإن شاهدت نور اسم الله لم تطلب من الله شيئا سوى الله، وإن طالعت نور الرب طلبت منه خيرات الجنة، وإن طالعت منه نور الرحمن طلبت منه خيرات هذه الدنيا، وإن طالعت نور الرحيم طلبت منه أن يعصمك عن مضار الآخرة، وإن طالعت نور مالك يوم الدين طلبت منه أن يصونك عن آفات هذه الدنيا وقبائح الأعمال فيها لئلا تقع في عذاب الآخرة. النكتة السابعة: يمكن أيضا تنزيل هذه الأسماء الخمسة على المراتب الخمس المذكورة في الذكر المشهور - وهو قوله سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم - أما قولنا سبحان الله فهو فاتحة سورة واحدة وهي: * (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا) * (الإسراء: 1) وأما قولنا الحمد لله فهو فاتحة خمس سور، وأما قولنا لا إله إلا الله فهو فاتحة سورة واحدة وهي قوله: * (ألم، الله لا إله إلا هو) * وأما قولنا الله أكبر فهو مذكور في القرآن لا بالتصريح في موضعين مضافا إلى الذكر تارة وإلى الرضوان
(٢٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 » »»