تفسير الرازي - الرازي - ج ١ - الصفحة ٢٨٤
العلى والأسماء الحسنى وطالع من مرقومات القلم على سطح اللوح نقشا وسكن عند سماع تسبيحات المقربين وتنزيهات الملائكة الروحانيين إلى صورة فاقرأ عند كل هذه الأحوال: * (سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين) * (الصافات: 180 - 182).
الفصل السابع في لطائف قوله الحمد لله، وفوائد الأسماء الخمسة المذكورة في هذه السورة لطائف الحمد لله:
أما لطائف قوله الحمد لله فأربع نكت: النكتة الأولى: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن إبراهيم الخليل عليه السلام سأل ربه وقال: يا رب، ما جزاء من حمدك فقال: الحمد لله؟ فقال تعالى: الحمد لله فاتحة الشكر وخاتمته، قال أهل التحقيق: لما كانت هذه الكلمة فاتحة الشكر جعلها الله فاتحة كلامه، ولما كانت خاتمته جعلها الله خاتمة كلام أهل الجنة فقال: * (وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين) * (يونس: 10). روي عن علي عليه السلام، أنه قال: خلق الله العقل من نور مكنون مخزون من سابق علمه، فجعل العلم نفسه، والفهم روحه، والزهد رأسه، والحياء عينه، والحكمة لسانه، والخير سمعه، والرأفة قلبه، والرحمة همه، والصبر بطنه، ثم قيل له تكلم، فقال: الحمد لله الذي ليس له ند ولا ضد ولا مثل ولا عدل، الذي ذل كل شيء لعزته فقال الرب: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أعز علي منك وأيضا نقل أن آدم عليه السلام لما عطس فقال: الحمد لله، فكان أول كلامه ذلك، إذا عرفت هذا فنقول: أول مراتب المخلوقات هو العقل، وآخر مراتبها آدم، وقد نقلنا أول كلام العقل هو قوله: الحمد لله وأول كلام آدم هو قوله: الحمد، فثبت أن أول كلام لفاتحة المحدثات هو هذه الكلمة، وأول كلام لخاتمة المحدثات هو هذه الكلمة، فلا جرم جعلها الله فاتحة كتابه فقال: * (الحمد لله رب العالمين) * وأيضا ثبت أن أول كلمات الله قوله: الحمد لله، وآخر أنبياء الله محمد رسول الله، وبين الأول والآخر مناسبة، فلا جرم جعل قوله: * (الحمد لله) * أول آية من كتاب محمد رسوله، ولما كان كذلك وضع لمحمد عليه السلام من كلمة الحمد اسمان: أحمد ومحمد؛ وعند هذا قال عليه السلام: " أنا في السماء أحمد، وفي الأرض محمد " فأهل السماء في تحميد الله، ورسول الله أحمدهم والله تعالى في تحميد أهل الأرض كما قال تعالى: * (فأولئك كان سعيهم مشكورا) * (الإسراء: 19) ورسول الله محمدهم.
(٢٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»