المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٥٢٣
بسم الله الرحمن الرحيم سورة الفيل وهي مكية بإجماع الرواة قوله عز وجل سورة الفيل 1 - 5 * (كيف) * نصب بفعل والجمهور على أنه فيل واحد وقال الضحاك ثمانية فهو اسم الجنس وقوله مردود وحكى النقاش ثلاثة عشر وهذه السورة تنبيه على الاعتبار في اخذ الله تعالى لأبرهة ملك الحبشة ولجيشه حين أم به الكعبة ليهدمها وكان صاحب فيل يركبه وقصته مشروحة في السير الطويلة واختصاره انه بني في اليمن بيتا وأراد ان يرد اليه حج العرب فذهب اعرابي فأحدث في البيت الذي بني أبرهة فغضب لذلك واحتفل في جموعه وركب الفيل وقصد مكة وغلب من تعرضه في طريقه من قبائل العرب فلما وصل ظاهر مكة وفر عبد المطلب وقريش إلى الجبال والشعاب وأسلموا له البلد وغلب طغيانه ولم يكن للبيت من البشر من يعصمه ويقوم دونه جاءت قدرة الواحد القهار واخذ العزيز المقتدر فأصبح أبرهة ليدخل مكة ويهدم الكعبة فبرك فيله بذي الغميس ولم يتوجه قبل مكة فبضعوه بالحديد فلم يمش إلى ناحية مكة وكان إذا وجهوه إلى غيرها هرول فبينا هم كذلك في امر الفيل بعث الله * (عليهم طيرا) * جماعات جماعات سودا من البحر وقيل خضرا عند كل طائر ثلاثة أحجار في منقاره ورجليه وكل حجر فوق العدسة ودون الحمصة فرمتهم بتلك الحجارة فكان الحجر منها يقتل المرمى وتتهرى لحومهم جذريا وأسقاما فانصرف أبرهة بمن معه يريد اليمن فماتوا في طريقهم متفرقين في كل مرحلة وتقطع أبرهة أنملة أنملة حتى مات وحمى الله بيته المرفع فنزلت الآية منبهة على الاعتبار بهذه القصة ليعلم الكل ان الأمر كله لله ويستسلموا للإله الذي ظهرت في ذلك قدرته حين لم تغن الأصنام شيئا ف * (أصحاب الفيل) * أبرهة الملك ورجاله وقرا أبو عبد الرحمن (ألم تر) بسكون الراء و (التضليل) الخسار والتلف و (الأبابيل) جماعات تجيء شيئا بعد شيء قال أبو عبيدة لا واحد له من لفظه وهذا هو الصحيح لا ما تكلفه بعض النحاة وقال معبد بن أبي الخزاعي (كادت تهد من الأصوات راحلتي * إذ سارت الأرض بالجرد الأبابيل) البسيط
(٥٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 518 519 520 521 522 523 524 525 526 527 528 ... » »»