كانت العرب تعبدها وتعظمها قاله سعيد بن جبير وقال ابن مجاهد كانت شجيرات تعبد ثم ببلاها انتقل امرها إلى صخرة و (عزى) مؤنثة عزيز ككبرى وعظمى وكانت هذه الأوثان تعظم الوثن منها قبيلة وتعبدها ويجيء كل من عز من العرب فيعظمها بتعظيم حاضرها وقال أبو عبيدة معمر كانت * (العزي) * * (ومناة) * في الكعبة وقال ابن زيد وكانت * (العزي) * بالطائف وقال قتادة كانت بنخلة وأما * (مناه) * فكانت بالمشلل من قديد وذلك بين مكة والمدينة وكانت أعظم هذه الأوثان قدرا وأكثرها عابدا وكانت الأوس والخزرج تهل لها ولذلك قال تعالى * (الثالثة الأخرى) * فأكدها بهاتين الصفتين كما تقول رأيت فلانا وفلانا ثم تذكر ثالثا اجل منهما فتقول وفلانا الآخر الذي من امره وشأنه ولفظة آخر وأخرى يوصف به الثالث من المعدودات وذلك نص في الآية ومنه قول ربيعة بن مكدم (ولقد شفعتهما بآخر ثالث *) الكامل وهو التأويل الصحيح في قول الشاعر عبيد بن الأبرص (جعلت لها عودين من * نشم وآخر من ثمامة) مجزوء الكامل وقرأ ابن كثير وحده (ومناءة) بالهمز والمد وهي لغة فيها والأول أشهر وهي قراءة الناس ومنها قول جرير (أزيد مناة توعد بابن تيم * تأمل اين تاه بك الوعيد) الوافر ووقف الله تعالى الكفار على هذه الأوثان وعلى قولهم فيها لأنهم كانوا يقولون هي بنات الله فكأنه قال أرأيتم هذه الأوثان وقولكم هي بنات الله * (ألكم الذكر وله الأنثى) * أي النوع المستحسن المحبوب هو لكم و موجود فيكم والمذموم المستثقل عندكم هو له بزعمكم ثم قال تعالى على جهة الإنكار * (تلك إذا قسمة ضيزى) * أي عوجاء قاله مجاهد وقيل * (ضيزى) * معناه جائرة قاله ابن عباس وقتادة وقال سفيان معناه منقوصة وقال ابن زيد معناه مخالفة والعرب تقول ضزته حقه أضيزه بمعنى منعته منه وظلمته فيه و * (ضيزى) * من هذا التصريف وأصلها فعلى بضم الفاء ضوزى لأنه القياس إذ لا يوجد في الصفات فعلى بكسر الفاء كذا قال سيبويه وغيره فإذا كان هذا فهي ضوزى كسر أولها كما كسر أول عين وبيض طلبا للتخفيف إذ الكسرة والياء أخف من الضمة والواو كما قالوا بيوت وعصى هي في الأصل فعول بضم الفاء وتقول العرب ضزته أضوزة فكان يلزم على هذا التصريف ان يكون ضوزى فعلى وفي جميع هذا نظر وقرا ابن كثير (ضئيزى) بالهمزعلى انه مصدر كذكرى وقرا الجمهور بغير همز ثم قال تعالى * (إن هي إلا أسماء) * يعني ان هذه الأوصاف من أنها إناث وانها تعبد آلهة ونحو هذا الا أسماء أي تسميات اخترعتموها * (أنتم وآباؤكم) * لا حقيقة لها ولا انزل الله تعالى بها برهانا ولا حجة وقرأ عيسى بن عمر (سلطان) بضم اللام وقرأ هو وابن مسعود وابن عباس وابن وثاب وطلحة والأعمش (إن تتبعون) بالتاء على المخاطبة وقرأ أبو عمرو وعاصم ونافع والأعمش أيضا والجمهور (يتبعون) بالياء
(٢٠١)