المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٣ - الصفحة ٩٥
الكلام إذ عن في القصة ما يجب التنبيه علي امتثاله وقال ابن جريج وغيره الصدق في هذه الآية هو صدق الحديث وقال نافع والضحاك ما معناه إن اللفظ أعم من صدق الحديث وهو بمعنى الصحة في الدين والتمكن في الخير كما تقول العرب عود صدق ورجل صدق وقالت هذه الفرقة كونوا مع محمد وأبي بكر وعمر وأخيار المهاجرين الذين صدقوا الله في الإسلام ومع في هذه الآية تقتضي الصحبة في الحال والمشاركة في الوصف المقتضي للمدح وقرأ ابن مسعود وابن عباس وكونوا من الصادقين ورويت عن النبي صلى الله عليه وسلم وكان ابن مسعود رضي الله عنه يتأوله في صدق الحديث.
وروي عنه أنه قال الكذب لا يصلح منه جد ولا هزل اقرأوا إن شئتم * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) *.
قوله عز وجل التوبة 120 - 121 هذه معاتبة للمؤمنين من أهل يثرب وقبائل العرب المجاورة لها على التخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة وقوة الكلام تعطي الأمر بصحبته إلى توجهه غازيا وبذل النفوس دونه واختلف المتأولون فقال قتادة كان هذا الإلزام خاصا مع النبي صلى الله عليه وسلم ووجوب النفر إلى الغزو إذا خرج هو بنفسه ولم يبق هذا الحكم مع غيره من الخلفاء وقال زيد بن أسلم كان هذا الأمر والإلزام في قلة الإسلام والاحتياج إلى اتصال الأيدي ثم نسخ عند قوة الإسلام بقوله * (وما كان المؤمنون لينفروا كافة) * قال القاضي أبو محمد وهذا كله في الإنبعاث إلى غزو العدو على الدخول في الإسلام وأما إذا ألم العدو بجهة فمتعين على كل أحد القيام بذبه ومكافحته وأما قوله تعالى * (ولا يرغبوا بأنفسهم) * فمعناه أن لا يحتمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الله مشقة ويجود بنفسه في سبيل الله فيقع منهم شح على أنفسهم ويكعون عما دخل هو فيه ثم ذكر تعالى لم لم يكن لهم التخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله * (ذلك بأنهم) * الآية والنصب التعب.
ومنه قول النابغة (كليني لهم يا أميمة ناصب *) الطويل أي ذي نصب.
ومنه قوله تعالى * (لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا) * والمخمصة
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»