المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٣ - الصفحة ٤٤٠
(فأكرم بقحطان من والد * وحمير أكرم بقوم نفيرا) المتقارب وقالوا لا في العير ولا في النفير يريدون جمع قريش الخارج من مكة لا بإذن فلما قال الله لهم إني سأفعل بكم هكذا عقب ذلك بوصيتهم في قوله * (إن أحسنتم) * والمعنى أنكم بعملكم تؤخذون لا يكون ذلك ظلما ولا تسرعا إليكم و * (وعد الآخرة) * معناه من المرتين المذكورتين وقوله " ليسوءوا " اللام لام أمر وقيل المعنى بعثناهم " ليسوءوا " فهي لام كي كلها والضمير للعباد أولي البأس الشديد وقرأ الجمهور ليسوءوا بالياء جمع همزة وبين واوين وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وابن عامر ليسوء بالياء وهمزة مفتوحة على الإفراد وقرأ الكسائي وهي مروية عن علي بن أبي طالب لنسوء بنون العظمة وقرأ أبي بن كعب لنسوءن بنون خفيفة وهي الأم وقرأ علي بن أبي طالب ليسوءن وهي لام القسم والفاعل الله عز وجل وفي مصحف أبي بن كعب ليسيء بياء مضمومة بغير واو وفي مصحف أنس ليسوء وجهكم على الإفراد وخص ذكر الوجوه لأنها المواضيع الدالة على ما بالإنسان من خير أو شر و * (المسجد) * مسجد بيت المقدس وتبر معناه أفسد بقسم وركوب رأس وقوله * (ما علوا) * أي ما غلبوا عليه من الأقطار وملكوه من البلاد وقيل " ما " ظرفية والمعنى مدة علوهم وغلبتهم على البلاد وتبر معناه رد الشيء فتاتا كتبر الذهب والحديد ونحوه وهو مفتتة.
قوله عز وجل سورة الإسراء 8 - 11 يقول الله عز وجل لبقية بني إسرائيل * (عسى ربكم) * إن أطعتم في أنفسكم واستقمتم * (أن يرحمكم) * و * (عسى) * ترج في حقهم وهذه العدة ليست برجوع دولة وإنما هي بأن يرحم المطيع منهم وكان من الطاعة اتباعهم لعيسى ومحمد فلم يفعلوا وعادوا إلى الكفر والمعصية فعاد عقاب الله فضرب عليهم الذل وقتلهم وأذلهم بيد كل أمة وهنا قال ابن عباس سلط عليهم ثلاثة ملوك والحصير فعيل من الحصر فهو بمعنى السجن أي يحصرهم وبنحو هذا فسر مجاهد وقتادة وغيرهما ويقال الحصير أيضا من الحصر للملك ومنه قول لبيد (ومقامة غلب الرقاب كأنهم * جن لدى باب الحصير قيام) الكامل ويقال لجنى الإنسان الحصيران لأنهما يحصرانه ومنه قول الطرماح (قليلا تتلى حاجة ثم غولبت * على كل معروش الحصيرين بادن) الطويل وقال الحسن البصري في الآية أراد به ما يفترش ويبسط كالحصير المعروف عن الناس.
قال القاضي أبو محمد وذلك الحصير أيضا هو مأخوذ من الحصر وقوله تعالى * (ان هذا القرآن) *
(٤٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 435 436 437 438 439 440 441 442 443 444 445 ... » »»