المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ٣ - الصفحة ٢٣٧
ونزع بهذه الآية من يرى الحكم بالأمارة من العلماء فإنها معتمدهم و " يوسف " في قوله * (يوسف أعرض عن هذا) * منادى قاله ابن عباس ناداه الشاهد وهو الرجل الذي كان مع العزيز و * (أعرض عن هذا) * معناه عن الكلام به أي اكتمل ولا تتحدث به ثم رجع إليها فقال * (واستغفري لذنبك) * أي استغفري زوجك وسيدك وقال * (من الخاطئين) * ولم يقل من الخاطئات لأن الخاطئين أعم وهو من خطئ يخطا خطئا وخطأ ومنه قول الشاعر أوس بن غلفاء (لعمرك إنما خطئي وصوبي * علي وإنما أتلفت مالي) الوافر وينشد بيت أمية بن أبي الصلت (عبادك يخطئون وأنت رب * بكفيك المنايا والحتوم) الوافر قوله عز وجل سورة يوسف 30 - 31 ذكر الفعل المسند إلى النسوة لتذكير اسم الجمع و * (نسوه) * جمع قلة لا واحد له من لفظه وجمع التكثير نساء و * (نسوه) * فعلة وهو أحد الأبنية الأربعة التي هي لأدنى العدد وقد نظمها القائل ببيت شعر (بأفعل وبأفعال وأفعلة * وفعلة يعرف الأدنى من العدد) البسيط ويروى أن هؤلاء النسوة كن أربعا امرأة خبازة وامرأة ساقية وامرأة بوابة وامرأة سجانة.
و * (العزيز) * الملك ومنه قول الشاعر (درة غاص عليها تاجر * جلبت عند عزيز يوم طل) الرمل والفتى الغلام وعرفه في المملوك وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقل أحدكم عبدي وأمتي وليقل فتاي وفتاتي ولكنه قد يقال في غير المملوك ومنه * (إذ قال موسى لفتاه) * وأصل الفتى في اللغة الشاب ولكن لما كان جل الخدمة شبابا استعير لهم اسم الفتى.
و * (شغفها) * معناه بلغ حتى صار من قلبها موضع الشغاف وهو على أكثر القول غلاف من أغشية القلب وقيل الشغاف سويداء القلب وقيل الشغاف داء يصل إلى القلب.
وقرأ أبو رجاء والأعرج وعلي بن أبي طالب والحسن بخلاف ويحيى بن يعمر وقتادة بخلاف وثابت وعوف ومجاهد وغيرهم قد شعفها بالعين غير منقوطة ولذلك وجهان.
(٢٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»