المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي - ج ١ - الصفحة ١٢٧
وقرأ ابن وثاب والنخعي رغدا بسكون الغين والجمهور على فتحها والرغد العيش الدار الهني الذي لا عناء فيه ومنه قول امرئ القيس (بينما المرء تراه ناعما * يأمن الأحداث في عيش رغد) الرمل و * (رغدا) * منصوب على الصفة لمصدر محذوف وقيل هو نصب على المصدر في موضع الحال و * (حيث) * مبنية على الضم ومن العرب من يبنيها على الفتح ومن العرب من يعربها حسب موضعها بالرفع والنصب والخفض كقوله سبحانه * (سنستدرجهم من حيث لا يعلمون) * الأعراف 82 القلم 44 ومن العرب من يقول حوث و * (شئتما) * أصله شيأتما حول إلى فعلتما تحركت ياؤه وانفتح ما قبلها جاء شائتما حذفت الألف الساكنة الممدودة للالتقاء وكسرت الشين لتدل على الياء فجاء شئتما قال القاضي أبو محمد هذا تعليل المبرد فأما سيبويه فالأصل عنده شيئتما بكسر الياء نقلت حركة الياء إلى الشين وحذفت الياء بعد وقوله تعالى * (ولا تقربا هذه الشجرة) * معناه لا تقرباها بأكل لأن الإباحة فيه وقعت قال بعض الحذاق إن الله لما أراد النهي عن أكل الشجرة نهى عنه بلفظة تقتضي الأكل وما يدعو إليه وهو القرب قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه وهذا مثال بين في سد الذرائع وقرأ ابن محيصن هذي على الأصل والهاء في هذه بدل من الياء وليس في الكلام هاء تأنيث مكسور ما قبلها غير هذه وتحتمل هذه الإشارة أن تكون إلى شجرة معينة واحدة أو إلى جنس وحكى هارون الأعور عن بعض العلماء قراءة الشجرة بكسر الشين والشجر كل ما قام من النبات على ساق واختلف في هذه * (الشجرة) * التي نهى عنها ما هي فقال ابن مسعود وابن عباس هي الكرم ولذلك حرمت علينا الخمر وقال ابن جريج عن بعض الصحابة هي شجرة التين وقال ابن عباس أيضا وأبو مالك وعطية وقتادة هي السنبلة وحبها ككلى البقر أحلى من العسل وألين من الزبد وروي عن ابن عباس أيضا أنها شجرة العلم فيها ثمر كل شيء قال القاضي أبو محمد وهذا ضعيف لا يصح عن ابن عباس وحكى الطبري عن يعقوب بن عتبة أنها الشجرة التي كانت الملائكة تحنك بها للخلد قال القاضي أبو محمد وهذا أيضا ضعيف
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»